نداء لمقاومة الطغيان

2. سبتمبر 2018 - 0:11

نداء لمقاومة الطغيان
مرت عشر سنوات وشعبنا يرزح تحت نار دكتاتورية غاشمة وبدون رحمة، مرت عشر سنوات وموريتانيا رهينة متمرد استولى على البلد بانقلاب عسكري لإقامة حكم فردي أحادي ومن أجل الاستحواذ على مقدرات الدولة وموارد الأمة.

مرت عشر سنوات والحريات تهدر ومواطنونا يتعرضون لأسوء ممارسات البوليس السياسي. لا يمر يوم بدون أن يعتقل أو يرمى في السجن معارضون أو مدافعون عن حقوق الإنسان أو صحفيون. ووصل الأمر الى إجبار فنانين يتبنون قضية على الغربة القسرية.

أعضاء في مجلس الشيوخ ونقابيون وصحفيون صودرت جوازاتهم ومنعوا من السفر من قبل الشرطة. كما أصدرت مذكرات اعتقال غير شرعية ضد سياسيين و رجال أعمال صودرت أموالهم ظلما و بتواطؤ قضاء غير مستقل.
فمرت عشر سنوات والرشوة والنهب ينخران البلد واقتصادنا كله مكرس لخدمة الطاغية والشرذمة المحيطة به التي تعتاش على امتصاص دماء الشعب. مرت عشر سنوات والقطاع الخاص والمصارف ضحية للسطو والابتزاز الفج. عندما يمولون سفه الحاكم يوصف ذلك بالعمل الوطني وعندما يمولون المعارضة ينعتون بالرشوة ويوصمون بالخيانة العظمى.

إرهاب الدولة الذي يمارسه الطاغية على المواطنين أسوأ من الإرهاب الممارس على سكان منطقة الساحل الإفريقي.

اليوم تفصلنا عن نهاية المأمورية الثانية أشهر قليلة، يحاول فيها الطاغية كل السبل لتعديل نص الدستور الذي يمنعه مأمورية ثالثة ويؤرقه هاجس ترك السطلة ويتلمكه الرعب من احتمال تعرضه للمسائلة على ما ارتكب من فواحش، و لا يتردد في إدارة الحملة الانتخابية لحزب الدمى ضاربا عرض الحائط بنصوص القانون.
كما يجوب البلاد مستغلا موارد الدولة و يزبد و يرعد متوعدا السياسيين و المواطنين من أجل ارغامهم على التصويت لإدامة الدكتاتورية.

نظرا للخطر الداهم على مستقبل وطننا أناشد كل أحزاب المعارضة، منظمات المجتمع المدني، النقابات وكل القوى الحية في البلد إسقاط المخطط الأرعن والإجرامي للطاغية. يجب علينا تجاوز خلافاتنا وتوحيد قوانا في هبة وطنية إذ أننا جميعا نتحمل المسؤولية الجسيمة وعلينا ان نتكاتف في هذه المحنة التي تواجهها الأمة. فالخصم الوحيد الذي تجب هزيمته هو الديكتاتورية. يجب أن يكون شعار المرحلة: كل شيء إلا الدكتاتورية. كفاحنا لن يتوقف مع الانتخابات وسيتواصل حتى التحرير الكامل لوطننا من نير الطغيان وعار المتاجرين بالرهائن و محتالي "غانا - غيت".

كما أطالب قادة أحزاب الموالاة و المرشحين المستقلين بالتصويت ضد حزب أزلام الدكتاتورية. عليكم رد الإهانة التي وجهها لكم الطاغية الذي تنكر لكل الأواصر التي تجمعكم به بدعوته للتصويت لحزبه الكرتوني فقط.

وفاءً للؤمه الأسطوري قام باستخدامكم لتمرير جرائمه ضد الشعب والدستور، و الآن يظن أنه قضى حاجته منكم و ها هو يهينكم بمعاملته لكم كسقط المتاع.

الطاغية لا عهد له. إن لم تتحملوا مسؤولياتكم وواصلتم دعم آخر "يحي جامي" في المنطقة فستندمون على ذلك يوما ما بنفس الطريقة التي أندم أنا بها الآن. إن من لم يحترم الأيمان أمام الله عز وجل بعد قسمه على القرآن العظيم لن يحترم وعوده لبني آدم.

لكل الموريتانيين و الموريتانيات و شباب الوطن أوجه نداء لوقف كل المعاملات التجارية مع الطاغية و أزلامه. هذه عصابة من المجرمين الذين تعرفونهم فردا فردا. استنزفوا حتى الموت الدولة و مؤسساتها. من الصفر انطلقوا و أثروا بشكل مهول في غمضة عين بمنحهم الضوء الأخضر لتجاوز القوانين و الامتيازات الضريبية الضخمة التي سمحت لهم بتحطيم كل المنافسين.

ثرواتهم بنيت على أكتافكم. لا تشتروا بضائعهم التي يبيعونها بدون دفع أي رسوم جمركية. لا تتعاملوا مع المصارف التي افتتحوها لتبيض أموالهم الحرام. لا تتعاملوا مع شركاتهم التي هي مجرد واجهات فرضوها لاحتكار خدمات شركات التعدين والنفط. لا تقبلوا العمل في مصانعهم، ولا في سفنهم التي حصلت على رخصها بالمحسوبية منتهكة القانون وعلى حساب الموريتانيين العاملين في القطاع. أرفضوا العمل على أراضيهم الزراعية التي استولوا عليها في حوض النهر وانتزعوها من ملاكها الشرعيين. لا تعملوا في مقاولاتهم المسجلة بأسماء أخرى مثل مدرسة الشرطة وبقية المباني العمومية المنهوبة من الممتلكات العامة. أرفضوا تحميل بضائعهم المستوردة التي لا تدفع ضرائبها ولا مستحقاتها الجمركية.

لا تدفعوا الضرائب طالما هم لا يدفعونها. أمام قانون الغاب الذي ينتهجه النظام، اعلنوا العصيان المدني. اكشفوا في وضح النهار الممارسات المافيوية للنظام و افضحوا جرائمه المنكرة.

شبابُ بلادنا هم رأس الحربة في مكافحة الاستبداد. يا شباب موريتانيا أنتم الضحية الرئيسية لانهيار التعليم والبطالة المستفحلة التي تضرب البلد. إن عليكم مسؤولية جسيمة في فرض التغيير. كثفوا النضال ضد الدكتاتورية إلى أن يتم تحرير الرئيس بيرام ولد الداه ولد أعبيد والسيناتور محمد ولد غدة اللذان قدما نموذجا ناصعا في الشجاعة والتضحية بمقارعة الظلم الهمجي للنظام.
يا شباب موريتانيا. مستقبلكم ومستقبل بلدكم بين أيديكم.

هبوا قبل أن يقود الوحش الأهوج بلادنا لمصير أسوأ من الصومال. صوتوا ضد الاستبداد. صوتوا لأحزاب المعارضة.

إن أصواتكم حاسمة. احموها بقطع الطريق أمام التزوير والخداع والكذب الذي أصبح منهج حكم. أطلق الطاغية عملية تزوير ضخمة باستخدام مقدرات الدولة، وتوظيف الإدارة، وتهديد الناخبين. لكن ثورة الضمائر أقوى من جبروت القمع.

يمكن للطاغية مصادرة اموالنا. لكن المال ليس هو الأهم في معركتنا. الأهم هي الإرادة و العزيمة للإطاحة بالطاغية. لقد حرر المهاتما غاندي الهند من الاستعمار وهو لا يملك من الثروة إلا إزارا أبيض، وعنزة وخُفيْن. بالنضال و الحراك اجعلوا من هذه الانتخابات طوفانا يجرف الطاغية و أزلامه.

من ناحيتي، أتعهد بقضاء ما تبقى من عمري في النضال بدون كلل من أجل موريتانيا حرة و ديمقراطية، موريتانيا متحررة من الحرس الرئاسي المشؤم و كل آفات الديكتاتورية، موريتانيا يشعر فيها المواطن بالأمن و الأمان من الظلم و العدوان، موريتانيا تعيش العدل في الداخل و السلام في الخارج خصوصا مع جيرانها.

أنا أعرف تماما أنني تحت تهديد مستمر. فقد تم استئجار قتلة أجانب لاغتيالي. لكن هيهات ان ينجحوا في تخويفي، هذه التهديدات تشد من عزيمتي وإصراري على الاستمرار في الكفاح حتى النهاية من أجل تحقيق حلمي، ألا وهو رؤية بلدي يتحول لدولة قانون يتمتع كل مواطنيها بالحرية، وبالعدل والمساواة في الفرص، دولة يقضى فيها إلى الأبد على الجوع والعطش وكل مظاهر الفقر والجهل. طموحي هو أن أرى بلدي يصبح دولة لا تكون فيها السلطة طريقا مختصرا للإثراء، بلد تحترم فيه حقوق الإنسان، التداول السلمي للسلطة فيه مضمون، وتكون المدة الرئاسية فيه مقصورة على فترتين متواصلتين او منفصلتين. أغلى أماني هو أن أرى موريتانيا تتحول يوما إلى نرويج إفريقيا الغربية.

إنها الفرصة لتوجيه تحية خالصة لقواتنا المسلحة الباسلة التي تعي أن الجيش لم يُخلق لقمع الشعب ولا للدفاع عن شخص أو مجموعة لكن للدفاع عن الوطن بأكمله. إن مهمته السامية و النبيلة هي الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية وسيادته.

إني أتعهد أمامكم بالكشف في يوم أو آخر عن الظروف المشبوهة لوفاة أخي وصديقي المرحوم الرئيس أعلي ولد محمد فال الذي وافته المنية في ظروف لا تزال غامضة.

إلى كل الموريتانيين المتعلقين بالعدالة و الكرامة أوجه نداء للمقاومة، لقد آن الأوان لكسر قيود العبودية التي يريد الطاغية تكبيل شعبنا بها. مهما كانت قوى الظلام فإنها لا تستطيع منع بزوغ شمس النهار. لا تستطيع أي قوة في العالم إنقاذ الطغاة عندما تدق ساعة سقوطهم.

محمد ولد بوعماتو
28 أغسطس 2018
*****************************
#التوعية_قبل_التعبئة

تابعونا