“استقبلت بلادنا في الفترة من 25 سبتمبر إلى 06 أكتوبر 2023، بعثة من الفريق العامل للأمم المتحدة المعني بالتمييز ضد المرأة والفتاة، برئاسة السيدة ميسكيريم جيسيت تيشاني، نائبة رئيسة الفريق.
تدخل هذه الزيارة في إطار التعاطي الإيجابي لبلادنا مع مختلف الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان بشكل عام والإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان بشكل خاص. كما تأتي تكريسا لمناخ الانفتاح والحوار البناء مع مختلف الفاعلين، الذي أرسى دعائمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ توليه مقاليد الحكم، والذي نتج عنه التقدم الملحوظ في مجال ترقية حقوق الإنسان وحمايتها.
التقى وفد الخبراء الأمميين خلال إقامته في بلادنا بالسادة وزراء العدل والخارجية والعمل الاجتماعي والطفولة والأسرة ومفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، وعدد من الأمناء العامين. كما التقى أيضا بالسلطات القضائية ممثلة في رئيس المحكمة العليا والنيابة العامة وبعض رؤساء المحاكم، علاوة على ممثلين عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني. كما أدى الوفد الأممي زيارات ميدانية إلى باسكنو ونوامغار، التقى خلالها السلطات الإدارية والقضائية ومنظمات المجتمع المدني المحلية.
وقد تمكن وفد الخبراء الأمميين من الاطلاع عن كثب على التقدم الكبير الذي أحرزته بلادنا في مجال ترقية وحماية حقوق المرأة والفتاة، كما أشار إلى ذلك في البيان الختامي للزيارة وأعاد تأكيده في المؤتمر الصحفي الذي عقده بفندق أزلاي زوال أمس الجمعة 06 أكتوبر 2023. حيث أشادت رئيسة الوفد بجو الانفتاح والأريحية الذي طبع جميع لقاءاتها مع المسؤولين الحكوميين، معبرة عن ثنائها على الجهود التي بذلتها بلادنا لحماية حقوق النّساء والفتيات. كما أشادت بالتزام الحكومة التام في إطار التّعاون مع آليّات حقوق الإنسان التّابعة للأمم المتّحدّة، منوهة بدور مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني في تنسيق التّعامل مع الآليّات الدّوليّة لحقوق الإنسان والاهتمام بمتابعة الجهود المبذولة.
في نفس الإطار، أثنى الوفد الأممي على الجهود التي بذلتها الحكومة من أجل تحسين الإطار القانوني والمؤسسي، من خلال تكريس محاربة التمييز في الدستور واعتماد القانون 2018-023 المجرم للتمييز والاستراتيجية الوطنية لمأسسة النوع وإنشاء المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة وخلايا النوع في جميع القطاعات الحكومية.
رحب الوفد كذلك بالمبادرات الحاليّة المتعلّقة بمعالجة قضيّة تسجيل المواليد الجوهريّة، معربا عن تقديره للجهود المبذولة في إطار زواج الأطفال والخفاض، واعتماد قانون 2006 الذي يخصّص 20 مقعدًا للنّساء في القائمة الوطنيّة للانتخابات التّشريعيّة، مرحبا كلّ التّرحيب بحقيقة أنّ الانتخابات الأخيرة أسفرت عن أعلى نسبة من النّساء المنتخبات في الجمعية الوطنية.
وفي مجال مشاركة المرأة في التشغيل وريادة الأعمال، أثنى الخبراء على قيام الحكومة بمراجعة متواصلة لقانون الوظيفة العمومية من أجل الوفاء بالمعايير الدّوليّة بشكل أفضل، إضافةً إلى تلبية الاحتياجات العمليّة للمرأة، بما في ذلك الحقوق المتساوية في الضّمان الاجتماعيّ والأحكام المتعلّقة بإجازة الأمومة. كما أقر الوفد بجهود بلادنا المبذولة لتوفير التكوين المهنيّ للنّساء من خلال إنشاء مراكز للتكوين على الخياطة وتصفيف الشّعر وإنتاج الصّابون وخدمات السكرتاريّة وصيانة المعدّات الطّبيّة.
في مجال التعليم، اعتبر الخبراء أن بلادنا خطت خطوات ملحوظة في تعزيز فرص تمتّع النّساء والفتيات بفرص التعليم، خاصة من خلال توفير مجانية التعليم على جميع المستويات ومراجعة المناهج وإعطاء الأولويّة للفتيات في تخصيص المنح الدّراسيّة.
وفي المجال الصحي، رحب الوفد بالخطوات التّي اتّخذتها الدّولة لتحسين التّمتّع بخدمات الصّحة الجنسيّة والإنجابيّة ومكافحة وفيات الأمهات، لا سيّما اعتماد القانون رقم 025-2017 المتعلّق بالصّحة الإنجابيّة والاستراتيجيّة الوطنيّة للصّحة الإنجابيّة وزيادة عدد الوحدات الصحيّة المتنقّلة التّي تقدم الرعاية السّابقة للولادة، فضلا ًعن تدريب القابلات المجتمعيّات.
كما لاحظ الوفد بارتياح الاهتمام المتزايد الذّي توليه الحكومة لمسألة العنف القائم على النّوع الاجتماّعي واعتماد استراتيجيّتها الوطنيّة للقضاء على العنف ضدّ النساء والفتيات في عام 2019، مرحّبا بالمشاورات الأخيرة التّي أجريت في سياق مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضدّ المرأة والفتاة والتّي شارك فيها القادة الدّينيون والبرلمانيون ومنظّمات المجتمع المدنيّ وغيرهم من أصحاب المصلحة المعنيّين.
أشاد الوفد كذلك بالتزام الحكومة المستمرّ في سياق التّرحيب باللاجئين، إلى جانب الجهود الرّامية إلى مكافحة الاتّجار بالبشر بما في ذلك إنشاء الهيئة الوطنيّة لمحاربة الاتّجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
بالمقابل، لاحظ فريق الخبراء وجود بعض التحديات المهمة وقدم توصيات لرفعها سينظر فيها بعناية من طرف الحكومة. أوصى الخبراء خاصة بالعمل على الرفع من تمثيل المرأة في المناصب الانتخابية ومراكز صنع القرار وولوجها إلى قطاع العدالة ودعم الجمعيات العاملة في مجال حماية المرأة وتعزيز مشاركتها في صنع السّياسات والقوانين، وتنويع التكوين المهني للنساء، وتعزيز الملكية العقارية للنساء وتكثيف الجهود الحاليّة لتحسين نوعيّة التّعليم وضمان إدراج تعليم حقوق الإنسان في المناهج الدّراسيّة للأقسام الابتدائيّة.
لقد مكنت هذه الزيارة من التأكيد على التزام بلادنا بتعزيز الحوار والتفاعل الإيجابي مع الآليات الدولية لترقية وحماية حقوق الإنسان وفقا لمبادئها الدستورية وانسجاما مع خصوصيتها الثقافية والاجتماعية.
ختاما، يسرنا في مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، أن نتقدم بجزيل الشكر والامتنان لكل من ساهم في إنجاح هذه الزيارة، خاصة ممثلي القطاعات الذين تم انتدابهم لهذه المهمة وكذلك مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان على التنسيق والمواكبة طيلة إقامة الوفد الزائر.
نواكشوط، 07 أكتوبر 2023″.