بوتين يدعوكم في النيجر لحفل شواء فاخر / سيدي علي بلعمش

3. أغسطس 2023 - 15:33

حين بدأ الغرب سحب رعاياه بتلك اللهفة ، في بداية الأزمة السودانية ، فهمنا بوضوح أن أزمة السودان ستطول و أن أيادي خفية خارجية هي من تُديرها ..

و كان من الطبيعي جدا أن يظهر في النيجر تيار معادي لفرنسا بعد أكثر من نصف قرن من نهب خيرات بلدهم ، فلماذا تقوم بقية الدول الغربية بسحب رعاياها من النيجر؟
هل تم استهداف أي سفارة غربية غير فرنسا في انيامي ؟
هل تم (حتى) استهداف أي مواطن فرنسي خارج السفارة ، كجهة رسمية تمثل السياسة الفرنسية المُخَرِّبة لبلدهم ؟

هذه المنطقة الغرب إفريقية ، نظرا لموقعها الجغرافي من العواصم الغربية و ما تزخر به من ثروات هائلة ، من دونها تبيت العواصم الغربية على الطوى في ظلام دامس، يتم إعدادها اليوم لأكبر و أشرس مواجهة عسكرية في تاريخ البشرية ، لا تلامس هذه القراءات الساذجة دوني حقيقتها بأي إشارة.

لماذا كانت حرب السودان ؟
لماذا يتم إمداد أطرافها بكل هذا السخاء ، لو لم تكن تأتي في إطار فتح المحاور للوصول إلى المنطقة؟

انقلاب النيجر خلط كل الأوراق في عقول البسطاء . و اجتماع قادة قوات "إيكواس" ، عَمالة حمقاء ، زيلينسكية الخيانة (الحرب بالوكالة) ، لصالح شياطين الأرض (الناتو) ، ستكون نتيجتها الحتمية ، إسقاط جميع أنظمة المجموعة بسقوط فرنسا المؤكد في كل الأحوال و بكل المعطيات..

و لم تعد الجزائر مع الأسف ، تضع دورها المحوري في المنطقة و رسالتها التاريخية ، نصب عينيها ، كبلد يدعم أحرار العالم و يفضح الجرائم الفرنسية . و قد تعرى هذا النكوص الجزائري بالكامل في الحرب على ليبيا و في انقلاب النيجر .
لا يمكن فهم الحسابات الجزائرية اليوم ، خارج إطار "الرهان على استمرار واقع لا يمكن إفلاته من حكم الإعدام" : كل الاتفاقيات ستصبح لاغية ، كل خطوط الجغرافيا ستصبح لاغية ، كل التحالفات ستصبح لاغية : أصبح الآن من الواضح أن الأمور في منطقتنا المحاذية لأوروبا تتجه إلى أحد احتمالين ؛ إما حرب نووية كارثية و إما فوضى عارمة ، لا يعيش فيها ظالم و لا يموت مظلوم. إنها لعنة الجغرافيا .. لعنة الجغرافيا حين يركبها الصغار .. حين يركبها العملاء .. حين يركبها الجبناء ..

✅ و كان بودي هنا أن أذكِّر المغرب و الجزائر بالمواقف التاريخية للزعماء ، لكنني تذكرت أن حروب الأحقاد لا تنتهي لصغر عقول أصحابها و خبث أنفس المؤججين لها.

العوامل الموحدة بين انقلابات مالي و بوركينافاسو و النيجر هي فساد الأنظمة و الخضوع الأعمى للهيمنة الفرنسية و استمرار ترويع فرنسا و الناتو لشعوب المنطقة بإرهاب هم من صنعوه لتبرير وجود قواعدهم العسكرية المشرفة على استنزاف خيرات بلدان المنطقة و الحامية لشركات نهبهم التي بنت علاقاتها مع هذه الشعوب على الاحتقار و الاستفزاز و التعالي ..

اليوم تتحرك أخطر القطع الحربية من كل الاتجاهات ، إلى النيجر . و يخطئ من يعتقد أن روسيا هي من ستقع في فخ المصيدة ..

إذا كان هناك اليوم من مصائد في النيجر ، فكل حبال شراكها من صنع روسي أو صيني ؛ فكما خلق الناتو اوكرانيا لبوتين ، سيفتح لهم بوتين حتما زاوية هجوم في خاصرتهم الرخوة على غرار كوبا (عقدة أمريكا الباقية) ..

لقد خططت روسيا لهذه الحرب على امتداد عشرين سنة و من الواضح اليوم أنها طرحت كل الاحتمالات و لم تدخل الحرب إلا بعد إيجاد الحلول لكل افتراضاتها.

و إذا كان الغرب و على رأسه أمريكا ، قد عُرف بالبراعة في تنفيذ الاستراتيجيات قصيرة المدى، فقد عرف أيضا بالفشل في تنفيذ الاستراتيجيات بعيدة المدى :(القاعدة ، أفغنستان ، حرب العراق ، قتل القذافي…) : هذه هي الأخطاء التي يتخبط الغرب اليوم في مخلفاتها ..

و لم نُجرِّب بعد معنى صمت الصين و لا صبر روسيا ، لكن يخطئ حتما من يعتقد أن الصين يمكن أن تنسى حرب الأفيون و تمرد تايوان أو أن القيصر يمكن أن يسمح بتطاول أقزام الناتو و تبجح رعاة البقر

*و في الأخير ، هل يستيقظ غزافيي كابولاني اليوم برهة ، ليسلمنا خرائط حلمه الذي قتلنا حلمنا عن غير وعي بقتله ، لتركبنا لعنة رماة حاميته ، في زمن تقهقر دورنا التاريخي المنهزم ؟*