المعارضة ورهانها / محمد سالم مولاي أحمد

16. فبراير 2019 - 13:23

بعد عقود طويلة من الشد والجذب، تخللها الكثير من المهاترات والمواجهات، والمحاولات والإخفاقات؛ توصلت المعارضة الموريتانية إلى حقيقة أن الوقت لم يحن بعد، وأن الوعي الوطني لم يبلغ من النضج ما يخول للشعب انتخاب معارض تاريخي لرئاسة البلاد. ذلك لأن نسبة الأمية في الشعب تتجاوز ال 40% ،وأغلب طاقاته عالة على الوجهاء من مختلف القبائل والشرائح والجهات،وبالتالي فالمواطن مسير وليس مخيرا عند إدلائه بصوته.
لقد جربت المعارضة الترشيح من داخلها مرات ومرات،ودفعت بأعرق قادتها وأكثرهم شعبية، ولم تفلح في إحداث اختراق يذكر بحكم تمركز المال والنفوذ في جهة واحدة.
اليوم وبعد كل هذه التجارب، وما أسفرت عنه من قناعة لدى الطيف السياسي المعارض باستحالة الوصول إلى السلطة منفردا،وأنه لا مناص من اللعب على تباينات الضفة الأخرى ،والتحالف مع أقربها نهجا من النهج المعارض، تكون المعارضة قد خطت خطوة كبرى في الاتجاه الصحيح الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيق الهدف.
إن ترشيح المعارضة الموريتانية للوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر-إذا ما ثبت- فإنه سيشكل لا محالة إرباكا للنظام ومرشحه، وسيكون رافدا مهما وإضافة نوعية للعمل الوطني المعارض.فالرجل رغم ترؤسه لحكومة ولد الطايع سنة 1992 وقبلها حمله لحقيبة المالية، فإنه لم يتلطخ بالفساد، وحافظ على نظافة يديه، وسمعة طيبة ،وعلاقات حسنة مع الجميع، ثم جاءت إدارته للمرحلة الانتقالية 2007-2005 والتي شكلت فترته الذهبية، إذ استطاع الرجل في ظرف وجيز إقناع العالم بالمشروع الجديد، واستجلاب تمويلات خارجية كانت البلاد في أمس الحاجة إليها.وقام بمراجعة الاتفاقيات النفطية المجحفة مع شركة وود سايد،وأطلق سراح المعتقلين السياسيين،والإسلاميين، وأشرف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية كانت نزيهة وشفافة من الناحية الإجرائية بإجماع المراقبين المحليين والدوليين.
وبترشيحه تكون المعارضة قد راهنت على فارس مقبول من جمهورها ومحبوب من طرف الموالاة، ويعرفه الغرب جيدا، وسيقف إلى جانبه إذا ما حاول النظام تزوير نتائج الانتخابات.
قد لا يكون هذا هو طموح المعارضين الحالمين المندفعين، والمتلهفين لمشاهدة رئيس من المعارضة،لكنه يبقى أحسن وأفضل ما هو متاح من خيارات،فما لا يدرك كله لا يترك جله. وإذا ما استطاعت المعارضة إيصال مدني على حساب عسكري، فإن ذلك سيكون فاتحة خير للبلاد، وبداية الديمقراطية الحقيقية التي يتساوى فيها كافة المرشحين، وتقف فيها الدولة على الحياد، وذلك ما سيمكن لاحقا من انتخاب شخصية معارضة في منصب الرئيس.

تابعونا