ما هكذا تورد الإبل…
الرئيس أردوغان مصمّمٌ على تقديم تركيا دولةً “كومةً من قشّ” فما قيمة المزاعم التركية بأنّ حلب والموصل وكركوك أملاكٌ عثمانيّةٌ ستُستعاد، ولم يصلِّ أردوغان في أمويّ حلب، ولا استعاد مجد أجداده في أصقاع الدنيا…
تهديداته ولغته الشعبويّة والعنتريّة عفى عليها الزمن وهو لم يقتنع بعد…
التزم في أستانا، ووقع وزير دفاعه أمام بوتين الصلب والعنيد والذي يصافح ولا يسامح بتسليم إدلب والأرياف وبتفكيك النصرة، ولم يفِ… فأطلق الخطب الصاخبة وحشد جيوشه زاعماً أنّه سيحتلّ شرق الفرات… ووقفت جيوشه “الكرتونية” على أبواب منبج التي تسلّمها الجيش العربي السوري ويعيد فرض سلطة الدولة التي لم تهزمها حربٌ عالميةٌ ضارية…
لم يستقبل مبعوث ترامب، في محاولةٍ استعراضيةٍ لتأكيد جدّيته ومكانة دولته، فكان الردّ سريعاً مختصراً بتغريدةٍ لترامب المكابر والمعاند والمصمّم على أوّلوية أمريكا وإخضاع الشركاء لمشيئتها ولخدمتها بالمجان وعلى حسابهم.
غرّد ترامب: سندمّر تركيا اقتصادياً إن هي حاولت الاعتداء على الكرد..
ارتعدت فرائص اردوغان، وهاتَفَ ترامب يسترضيه، وخرج وزير خارجيته والمسؤولون يترجّون: الدول المتحالفة استراتيجيا لا تتخاطب بالتغريدات!! وأمسكوا بكلامٍ فارغٍ لترامب بإقامة منطقةٍ عازلةٍ بعمق عشرين ميلاً…
المنطقة الآمنة؛ لا إعلان عن مكانها، ومن يموّلها، ولا من يتولّاها، ومن يتحمّل كلفتها، لكنها لاحت كشماعة “قشّة” الغريق خوفاً من البلل…
نحن شعوبٌ متجاورةٌ ولنا تاريخٌ وجغرافيا مشتركة، ونأمل ونسعى إلى التشابك وليس الاشتباك، وأحببنا أردوغان عندما وقف في وجه الرئيس الاسرائيلي وقال عباراته اللامعة… وكدنا نفوّضه أمرنا عندما تبنّى فكّ الحصار عن غزة بخطبه، وأرسل سفناً وقع عليها الاعتداء الاسرائيلي السافر، وافترضنا ان تركيا القوة التي توصف بأنها معجزة اقتصادية واسلام معتدل وتتقدّم لقيادة الاسلام في الاقليم والعالم صادقة في وعدها وفي اشتباكها مع الاسرائيلي وتكاملها مع العرب من بوابة دمشق سيدة العواصم.
ثم اكتشفنا ان اردوغان زارعٌ للوهم، بتصريحاته العنترية وخطبه النارية، فيقدّم تركيا حليفا استراتيجيا لامريكا ثم يلوذ ببوتين ليحتمي من مظالم امريكيةٍ وابتزازٍ سافرٍ لأتفه الامور والتي تمسّ عمق سيادة الدولة، كقصّة القسّ الانجيلي الذي أُطلق تحت التهديد بتدمير تركيا اقتصاديا…
وبعد:
فهل من عاقلٍ يراهن على الرئيس أردوغان ووعوده وعهوده وخطبه…
للأسف لقد سخّف أردوغان الرئاسة، وكاريزما القيادة، وقدّم تركيا قزماً بل دولةً من “قش” وحنى ظهرها سريعا لتغريدةٍ، وما زال يكابر ويراهن على حبال الهواء…
تركيا المضطربة في السياسة، والقاصرة عن إنفاذ طموحات اردوغان العثمانية، والراقصة على حبال الشرق والغرب المشدودة، يضعها اردوغان في عين العاصفة، وعاصفة انهيار الاقتصاد العالمي المؤمرك والليبرالي يقترب هبوبها لتأخذ في طريقها الكرتون والقش ودوله..
حمى الله تركيا وكل الشعوب المغلوبة على أمرها والمحكومة من نخبٍ باعت نفسها للشيطان وتوهّمت أنّ الشيطان يحميها، فجعلت من أوطانها وشعوبها العظيمة مجرّد كومة قشٍّ تذروها رياح المزاج الامريكي وتغريداته…
التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة