كيف تآمرت وكالة الاستخبارات الأمريكية والسعودية لإخفاء أسرار 11/9

30. أغسطس 2018 - 10:13

في تقرير مطول لمجلة «نيوزويك» حول كتاب جديد عن عمليات أيلول (سبتمبر) 2001 التي استهدفت نيويورك وواشنطن يكشف كيف حاولت المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إخفاء الحقيقة. ففي كتاب «كلاب الحراسة لم تنبح: سي آي إيه وأن أس إي وجرائم الحرب على الإرهاب» يقدم كاتباه مناقشة قوية حول محاولة الحكومة التغطية على الأحداث بتواطؤ سعودي.
ويأمل مؤلفا الكتاب جون دافي وري نووسيلسكي تركيز الانتباه من جديد على ما جرى من تغطية وتكتم. وقاما بعمليات تنقيب عميقة في الأحداث ووجدا ثقوبا وتناقضات في الرواية الرسمية عن الأحداث التي «فشلت في ربط النقاط مع بعضها البعض». ودافي هو ناشط يساري كاتب ومدافع عن البيئة أما نووسيلسكي فهو صانع أفلام قاما بالبحث عن ثقوب في الرواية الرسمية خاصة كتاب لورنس رايت «البرج الغامض: القاعدة والطريق إلى 11/9» والذي حاز مؤلفه على جائزة بوليتزر وتحول بداية العام الحالي إلى مسلسل درامي وثائقي. وجاء المؤلفان برصيد أعطاهما مصداقية حيث استطاعا في عام 2009 الحصول على موافقة مدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض ريتشارد كلارك في أثناء إدارتي كل من بيل كلينتون وجورج دبليو بوش.
وفي المقابلة عبر كلارك عن غضبه من مدير سي آي إيه جورج تينت الذي اتهمه بإخفاء معلومات مهمة عنه تتعلق بدخول كل من خالد المحضار ونواف الحازمي إلى أمريكا. وكان تينت قد أخبر الكونغرس في عام 2002 إنه لم يكن واعياً للخطر القادم لأن الكابل/ البرقية التي وردت للوحدة في سي آي إيه لم تكن معلمة بـ «عاجل» في إشارة لدخول المحضار والحازمي ولهذا لم يقرأ البرقية أحد. إلا أن القصة تم دحضها بعد خمسة أعوام من قبل السناتور رون ويدن وكيت بوند حيث كشفا عن تلخيص للتحقيق الداخلي الذي أجرته سي آي إيه وأن ما بين 50- 60 عميلاً قرأ ما بين برقية إلى ست برقيات احتوت على معلومات سفر تتعلق بهؤلاء الإرهابيين.

تهور… وتواطؤ سعودي

وغضب كلارك عندما اكتشف الأمر خاصة أنه كان يثق بتينت الذي كان صديقاً وزميلًا. وكتب في عام 2009 كتابا تحت عنوان «حكومتكم تخلت عنكم» والذي تجاهلته المؤسسة بشكل عام ولهذا وعندما قام دافي ونوسيلسكي اتصلا به رحب بهما. وقال لهما «اعتقدت ولوقت طويل أن واحدا أو اثنين من العاملين الصغار تلقيا هذا (المعلومة عن الحازمي والمحضار) ولم يعرفا قيمتها» و «لكن 55 أو 50 من ضباط السي آي إيه كانوا يعرفون بهذا بمن فيهم تينت وكل الأولاد الذين كانوا يتحدثون معي بشكل منتظم». وطوال هذه السنوات فلا يزال السبب الذي جعل سي آي إيه تتكتم على تفاصيل مهمة وعدم مشاركة أف بي آي بها غير واضح. ويعتقد كلارك وغيره من المطلعين بمكافحة الإرهاب أن سي آي إيه كانت تخطط لتجنيد كل من المحضار والحازمي وتحويلهما لعميلين مزدوجين.
فلو اكتشف «إف بي آي» أنهما في كاليفورنيا لطلب اعتقالهما أو هكذا تقول النظرية. وعندما فشلت الخطة أخفى تينت المعلومة عن كلارك حتى لا يتهما بارتكاب مخالفة وإساءة استخدام السلطة. وهذا هو التفسير المنطقي الوحيد لإخفاء المعلومات عن وصول الحازمي والمحضار حتى بعد الهجمات. ويقول كلارك «أخبرونا بكل شيء إلا هذا». ورد كل من ريتش بلي وكوفير بلاك نائبا تينت في مجال مكافحة الإرهاب ببيان قالا إن كلام كلارك «متهور وخطأ». ولم يكن كلارك الوحيد الذي أبدى شكا في المعلومة بل وجد الباحثان عملاء في أف بي أي ومسؤولين كانت لديهم شكوكهم. والخلاف الوحيد بينهم هو عن الشخص المسؤول عن إخفاء المعلومة. ويرى ديل واتسون، نائب مدير أف بي آي لمكافحة الإرهاب أن من قام بالتكتم هم أشخاص يعملون تحت تنيت ومساعديه من وحدة أليك المتخصصة بمراقبة أسامة بن لادن. ويعتقد بات دامورو من مكتب مكافحة الإرهاب في أف بي آي أن التكتم ذهب بعيداً للقيادة العليا في سي آي إيه «وليس هؤلاء المدراء، ولا أعرف حتى اليوم لماذا لم يرسلوها».
أما عن التواطؤ السعودي فقد وجد الكاتبان معلومات جديدة في ضوء ما تم الكشف عنه منذ الهجمات: ففي عام 2004 قالت لجنة التحقيق في الهجمات أنها لم تعثر على دليل يربط الحكومة السعودية أو أي مؤسسة فيها بدعم العمليات ولا المسؤولين. وبعد عام وجد المفتش العام في سي آي إيه أن مسؤولين في الوكالة «تكهنوا» بوجود «متعاطفين معارضين داخل الحكومة» (متطرفين دينيين) وربما قاموا بدعم بن لادن. وكشفت تحقيقات لاحقة أن مسؤولين في وزارة الشؤون الدينية كانوا ناشطين في مساعدة الخاطفين للإستقرار في كاليفورنيا. وهو ما دفع مئات العائلات من ضحايا الهجمات لتقديم دعاوى قضائية للمحاكم الفدرالية في نيويورك العام الماضي للحصول على تعويضات من السعودية.

أمور مثيرة وثغرات

وقال أندرو مالوني، محامي العائلات في تصريحات لمجلة «نيوزويك» إن «المخابرات السعودية اعترفت بانها كانت تعرف من هما هذان الشخصان» و«كانوا يعرفون أنهمامن القاعدة ووصلا إلى لوس أنجليس. ومن هنا فأي فكرة تقول إن السعودية ساعدت كل السعوديين خطأ، فقد كانوا يعرفون وكذا سي آي إيه». وقدمت الحكومة السعودية حوالي 6.800 صفحة مكتوبة بالعربية ويقوم مالوني وفريقة بترجمتها.
وقال «تحتوي هذه على أمور مثيرة» و «هناك بعض الثغرات» حيث سيعود للمحكمة في تشرين الأول (أكتوبر) للحصول على معلومات أخرى. ويريد الكشف عن دور مسؤول سعودي في القنصلية السعودية بلوس أنجليس، فهد الثميري وكان إماماً في كالفر سيتي- كاليفورنيا الذي زاره الخاطفان. وفي عام 2003 أوقف الثميري بعد وصوله مطار لوس أنجليس في رحلة من ألمانيا ورحل من الولايات المتحدة «لاشتباه بعلاقاته مع الإرهاب»ولكنه لا يزال يعمل مع الحكومة في الرياض. وطلب مالوني في نيسان (إبريل) وثائق من أف بي آي عن الثميري وعمر البيومي الذي كان جاسوساً سعودياً في الولايات المتحدة وكان على علاقة مع الخاطفين. ولم يرد أف بي أي ويخطط مالوني للتقدم بطلب رسمي يجبره على تسليم الوثائق.
وفي شهادة تحت القسم أدلاها العميل في أف بي آي ستيفن مور واتهم فيها لجنة التحقيق الرسمية بتضليل الرأي العام عندما قالت إنها لم تعثر على أدلة تربط الحكومة السعودية بالهجمات ومساعدة كل من الحازمي والمحضار «كان من الواضح أن الثميري قدم الدعم للحازمي والمحضار» و «بناء على دليل تحقيقنا فقد كان البيومي عميلاً سرياً مرتبطاً بالمتطرفين». ويريد مالوني الحصول على وثائق من سي آي إيه ووزارة الخارجية والخزانة.

دفن الحقائق

وعلق جيف ستين لـ «نيوزويك» أنه من السهل دفن الحقائق غير المريحة أكثر من مواجهتها مشيراً إلى الذكرى السابعة عشرة على الهجمات التي قتل فيها أكثر من ثلاثة آلاف شخص والتي كان من الممكن كما يقول الكاتب تجنب وقوعها. ولكن لمئات العائلات وعدد متزايج من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي فإن إحياء ذكرى 11/9 الشهر المقبل سيرافقه الغضب المكتوم على ما يرونه مؤامرة الصمت بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين بشأن الهجمات.
ونقلت المجلة عن علي صوفان الذي كان يعمل في مكتب مكافحة الإرهاب في إف بي آي «إنه مرعب ولا نزال لا نعرف ماذا حدث» خاصة أن مكتب التحقيقات ظل في الظلام بسبب رفض سي آي إيه مشاركته في معلومات عن تحركات المنفذين للعمليات. وبالنسبة لصوفان وغيره من مسؤولي مجلس الأمن القومي فالأسئلة التي لم يجب عليها بشأن الأحداث التي قادت إلى 11 أيلول (سبتمبر) 2001 يتقزم أمامها اغتيال جون أف كيندي . ويقول صوفان إن هجمات 11/9 «غيرت كل العالم» فهي لم تقد إلى غزو أفغانستان والعراق وتفكك الشرق الأوسط ونمو الجهادية المتطرفة العالمية بل ودفعت أمريكا لأن تصبح بلدا أمنيا قريبا من الدولة البوليسية.
ويقول مارك روسيني، الذي كان واحدا من مسؤولين كلفهما أف بي أي للعمل في وحدة «أليك» المخصصة لأسامة بن لادن في «سي آي إيه» «أنا حزين لهذا»ومنع روسيني وزميلته من إبلاغ مسؤوليهم عن تحركات ناشطي القاعدة في الفترة ما بين صيف 2000 إلى خريف 2001 «كان واضحاً أن الهجمات ما كان يجب أن تـحدث ولم تتـحقق الـعدالة».

«نيويورك تايمز»: لماذا تقتل الصواريخ الأمريكية المدنيين في اليمن؟

تساءلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن دور ومسؤولية الولايات المتحدة في الحرب الدائرة في اليمن. فواشنطن توفر الوقود للطائرات السعودية في الجو وكذا المعلومات الإستخباراتية وهي بالضرورة تشترك بالملامة وتتحمل مسؤولية قتل المدنيين.
وأشارت الصحيفة إلى التصريحات التي أطلقها قائد سلاح الجو الأمريكي في الشرق الأوسط وعبر فيها عن حالة إحباط من الحملة الجوية السعودية على اليمن. وقالت إن تصريحاته وإن كانت مهمة ويرحب بها إلا أنها لينة. وكان يجب أن تعبر عن الرعب والعار بسبب التواطؤ الأمريكي في الحرب حسب تقرير للأمم المتحدة الذي صور المذابح الإجرامية. وتقول إن السعودية تدخلت في اليمن قبل أكثر من ثلاثة أعوام لطرد الحوثيين من العاصمة صنعاء. ومع طول أمد الحرب اتهم الحوثيون بارتكاب مذابح لكن السعودية هي المتورطة بشكل واسع حيث حولت البلد الفقير أصلاً إلى كابوس إنساني وحقل للقتل الذي لا يميز.
وتضيف أن التحالف الذي تقوده السعودية استهدف مرة تلو الأخرى المدنيين وذبح عدداً لا يحصى من الأبرياء. ففي يوم الجمعة قالت الأمم المتحدة أن التحالف قتل 22 طفلاً وأربع نساء حاولوا الهرب من ساحة معركة. وقبل أسبوعين وفي التاسع من آب (أغسطس) استهدف التحالف حافلة مدرسية وقتل العشرات من الأطفال. وقتل أعداد لا تحصى من المدنيين في قصف على الأسواق وحفلات الزفاف والجنازات. وحسب الإحصائيات الرسمية فعدد المدنيين يتجاوز 6.500 مع أن هناك الكثيرين الذين ماتوا بدون إحصاء، فيما يعاني ملايين المدنيين من نقص المواد الغذائية والدواء.
وتعلق الصحيفة أن ما سبق عرضه هو الرعب أما العار فنابع من أن القنبلة التي دمرت الحافلة المدرسية والأطفال الصغار الذين كانوا فيها مصنعة في أمريكا. وحسب شبكة «سي أن أن» فقد كان وزنها 500 رطل. وتم بيع السعودية قنابل توجه بالليزر في صفقات أسلحة للسعودية مثل القنبلة التي أطلقت على قاعة عزاء في صنعاء في تشرين الأول (أكتوبر) 2016 وقتلت 155 شخصاً. وقرر الرئيس باراك أوباما منع بيع هذه الأسلحة المتقدمة للسعودية ليأتي دونالد ترامب ويلغي الحظر في آذار (مارس) 2017.
وفي تقرير نشرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» ركز على الطريقة التي قام بها التحالف بالتحقيقات في المجازر التي ارتكبت بسبب غاراته ووصفتها بغير الدقيقة. وعادة ما تنتهي التحقيقات بعملية تغطية على ما يحتمل أنها جرائم حرب. وجاء في التقرير أن الكثير من خروقات قوانين الحرب التي ارتكبها التحالف تكشف عن أدلة جرائم حرب وخروقات خطيرة ارتكبها أفراد وبنية الجريمة».
وبدلاً من تحميل هؤلاء المسؤولية قام الملك سلمان بن عبد العزيز بإصدار مرسوم في تموز (يوليو) عفا فيه عن الجنود السعوديين الذين شاركوا في العملية العسكرية في اليمن. وانتقد التقرير مزاعم الولايات المتحدة التي توفر الدعم العملياتي واللوجيستي والإستخبارات لقوات التحالف من أن «تطورًا» قد حصل على عمليات استهداف وضرب الأهداف. وفي الحقيقة اقترح التقرير أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي تبيع السلاح للسعودية تواجه خطر التورط في هجمات غير شرعية. وبناء على السجل السعودي في الحرب لم يكن مفاجئاً إذا نفد صبر القادة العسكريين الأمريكيين. وبدا هذا واضحاً في تصريحات الجنرال جيفري هاريغيان الذي سينهي خدماته كقائد لسلاح الجو في الشرق الأوسط وينقل لمهمة أخرى «نشعر بالقلق من سقوط الضحايا المدنيين وهم يعرفون بهذا».
وتقول الصحيفة إن المقابلة مع الجنرال التي أجرتها الأسبوع الماضي تعتبر أوضح انتقاد من بين المسؤولين الأمريكيين الذين رفعوا أصواتهم «لكن الكلام لا يكفي، فقد مضى الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين عن بيع السلاح وتقديم الدعم العسكري للسعودية وشركائها في التحالف». وتضيف أن الرعب في اليمن قد تجاوز مرحلة من هو المصيب ومن هو المخطئ وأصبح من الواضح أن التفاوض هو الكفيل بوقف القتل ويبدو أن السعودية وحلفاءها لا يبدون إلا قليلاً من الندم عند ذبح الأطفال طالما اشتروا مزيداً من القنابل والأمر يعود لمن يساعدهم كي يتوقف عن البيع.
وتستبعد الصحيفة قيام الرئيس دونالد ترامب بالضغط على السعودية إلا أن القادة العسكريين بدأوا برفع أصواتهم وكذا الكونغرس بدأ بالتحرك. وهناك مشروع يدعمه الحزبان يطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو شهادة تؤكد اتخاذ التحالف الخطوات اللازمة لمنع قتل المدنيين قبل الموافقة على صفقات السلاح. ويجب أن تكون الخطوة المقبلة قطع الدعم العسكري عن السعودية إلا في حالة أبدت استعداداً للتفاوض ووقف الهجوم على اليمن.

«فايننشال تايمز»: إلغاء عرض أسهم «أرامكو» في البورصة ضربة لابن سلمان من والده الملك

علق الكاتب ديفيد غاردنر في صحيفة «فايننشال تايمز» على تعليق أو وقف خطط وضع أسهم من شركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو) في البورصة. ويعتقد غاردنر إنها تعد ضربة لولي العهد. وقال إن قرار وضع الخطة على الرف هو «صدمة أكثر من كونها مفاجأة».
ورغم الاحتجاج من الحكومة إنها أجلت الخطة بدلاً من التخلي عن العرض الأولي في البورصة إلا أن الملك سلمان على ما يظهر تجاوز ولي عهده الأمير محمد العنيد. فقد تم تقديم بيع نسبة 5% من أسهم الشركة باعتباره أكبر طرح للأسهم من نوعه. وكان الطرح مركزًا للمشروع الذي طرحه ولي العهد «رؤية 2030» لتحويل السعودية من دولة نفطية إلى دولة قطاع خاص واقتصاد استثماري لا يعتمد على النفط.
و «لا شك ان انهيار خطة الطرح تعد ضربة لمكانته، فقد كان ولي العهد هو الذي تسبب بما حصل. وهو الذي أصر على تقييم الشركة بقيمة تريلوني دولار وهو ما رأه الكثير من المحللين تقييماً غريباً» بالإضافة للعديد من المعوقات مثل زيادة التدقيق ومتطلبات الكشف والتي عادة ما ترافق الطرح العام وتدقيق صارم لاحتياطي النفط والغاز الطبيعي والذي عادة ما يزيد من قيمة الشركة بل ومخاطر دعاوى قضائية ضد السعودية لتواطئها في هجمات نيويورك وواشنطن الإرهابية في أيلول (سبتمبر) 2001. لكن فريق محمد بن سلمان مضى في الخطة دونما اهتمام بهذه العراقيل. ولم يتوقف نقاد الطرح العام عن نقدهم خاصة داخل العائلة المالكة. فأرامكو ليست فقط شركة نفط فقط بل لها دور في التعليم والصحة والبناء.
فمركز مكافحة التطرف الذي افتتحه الملك سلمان في الرياض العام الماضي مع الرئيس دونالد ترامب، بنته بسرعة الشركة. ومن هنا يتساءل النقاد عن سبب التخلي عن مؤسسة لا تقدر بثمن ومركز قوة من أجل حفنة من المال يمكن تحصيلها في الأسواق. لكن ليس هذا هو ما يحدث فهيئة الاستثمار العام تستقرض ويجب على شركة أرامكو الإقتراض لشراء الأسهم التي تملكها في شركة البتروكيماويات «سابك».
ويناقش بعض المثقفين السعوديين أن دفعة الإصلاح التي يقف وراءها محمد بن سلمان وتركيز المثير للجدل السلطة بيده تعمل على إضعاف أعمدة السلطة التقليدية في المملكة ولهذا تحتاج العائلة إلى رصيد حقيقي وبقدرات واسعة مثل «أرامكو». وبالنسبة للملك سلمان البالغ من العمر 82 عاماً فالمضي في إجراءات الطرح ربما كان خطوة بعيدة له حيث سيتذكر بأنه الرجل الذي باع «جوهرة التاج» الذي تملكه العائلة. واتخذ الملك سلمان موقفاً قوياً ضد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، بشكل أنهى آمال الفلسطينيين بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
وأعطى بن سلمان الأمريكيين والإسرائيليين انطباعاً بأنه يدعم الخطة كجزء من «صفقة القرن» لحل الأزمة والضغط على الفلسطينيين لقبولها. وكشف موقفه عن فهم قليل لمصادر الشرعية السعودية حيث تعتمد العائلة المالكة على حراستها للأماكن المقدسة في مكة والمدينة. ومن البديهي أن يكون منح إسرائيل حق السيطرة الكاملة على القدس التي تعتبر مهمة للمسلمين والمسيحيين واليهود أيضاً- بمثابة اللعب بالنار.
وعقد الملك سلمان في شهر نيسان (إبريل) مؤتمراً للجامعة العربية تحت عنوان «قمة القدس» وتبرع ب 200 مليون دولار للأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة ووصف فلسطين بالقضية المنقوشة في ضمير الشعوب العربية. وربما أراد الأمير بن سلمان أن ينتهي الموضوع حتى يركز على المستقبل لكن آل سعود لا يمكنهم تجاهل الماضي. وقد يكون تخلى عن بناء الإجماع بين أجنحة وإقطاعيات العائلة المتنافسة لكن والده الذي تعتمد كل السلطات التي جمعها بيده عليه يظل مركز التوازن الآن. وما قام به الملك هو عمل من الدرجة الأولى ليظهر صدارة السياسة للعائلة وليس الفرد.