الفساد: طريقة الاستعمال / أحمد ولد الشيخ

24. مايو 2018 - 20:09

عندما استولى ولد عبد العزيز على السلطة بالقوة في عام 2008، لمجرد أنه قد أقيل للتو من قبل رئيس يتمتع بصلاحيات ذلك، فقدأصبح على الفور "بطلا"، لجميع فئات محاربة الفساد. إنه موضوع واعد، حيث عانت البلاد ألف ويل وويل من خيانة أمانة الوظيفة واختلاس الأموال العامة، تلك الرياضة المفضلة لدى الموظفين

وغيرهم من كبار المسؤولين. ويجري ذلك في جو من الإفلات التام من العقاب. وخلال مهرجاناته وخرجاته الإعلامية، لم يتوقف رئيس الدولة الجديد عن لعن الفساد والمفسدين. بلتم إرسال وزير أول سابق، ومديرين سابقين لشركات، وموظفينسامين، ورؤساء مجالس إدارة إلى السجن في عام 2009، حيثبقوا بعض الوقت ودفع كل واحد منهم كفالة كبيرة للخزينة العامة. ظلوا في الحرية المؤقتة، ولم يحاكموا أبداً، شأنهم شأنآخرين، تم تعريضهم للإهانة والسخرية ثم أعيد الاعتبار إليهم، بمجرد قرار رئاسي، مما أقنع الناس في نهاية المطاف أن محاربة الفساد لم تكن سوى شعار فارغ. وخلال بضع سنوات، تعاقب بالفعل الكثير من الأمور والأحداث وعادت الحياة إلى نصابها بسرعة البرق الخاطف، وصارت المحسوبية من جديد هي القاعدة. يتم منح الصفقات العمومية بشكل علني لأصحاب العروض الأكثر تكلفة، دون إمكانية طعن لأولئك الذين تم إقصاؤهم. وأصبحت صفقات التراضي لا تعد ولا تحصى. وتكفي بعض الأمثلة لإثبات أن الوضع قد سار من سيء إلى أسوأ. فقبل بضع سنوات، تم منح صفقة استصلاح آلاف الهكتارات في منطقة كر مسين إلى للشركة الفرنسية ـ المغربية STAM وأدت إلى تضخيم للفواتير يعجز اللسان عن وصفه: فبينما يكلف الهكتار المستصلح ما بين 900 ألف ومليون أوقية قديمة، دفعت الدولة لشركة STAM ثلاثة ملايين أوقية عنه. وقد تم دفع عمولة ضخمة - يتحدث البعض عما بين 2 و3 مليارات أوقية- للوسطاء (وليس بعضهم غفلا) واستخدمت، من بين أمور أخرى، لشراء شقق في المغرب ولاس بالماس، وهذا سر شائع يحافظ عليه بعناية قصوى. وقد عادت المحطة الكهربائية المزدوجة في نواكشوط بقوة 180 ميگاواط إلى شركة وارتسيلاالفنلندية، رغم أن عرضها يتجاوز، بمبلغ30 مليون يورو، العرضالتالي مباشرة. يجري الحديث هنا أيضا عن عمولة وصلت عشرة ملايين يورو، حسب منظمة شيربا (Sherpa) غير الحكوميةالمتخصصة في الممتلكات التي تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية. وخلال العام الماضي، ولمنع فقدان مياه الأمطار في منطقة تحتاج إليها كثيرا، قررت الدولة بناء سد على وادي سگليل، قرب مدينة أطار. وقدمت المؤسسة الوطنية لصيانة الطرق (ENER) و SNAATو ATTMعروضا. عرضت هذه الأخيرة ستة مليارات أوقية وفازت بالصفقة. وكم كانت دهشتها عندما تلقت أمرا بالتعاقد حوله من الباطن مع شركة STAM(عجيب، غريب جدا!) تردد مديرها العام، فتعرض للإقالة إذا لم ينفذ الأمر. طلب رسالة رسمية تغطي مسؤوليته فأقالته وزارة الزراعة فورا. بدأت شركة STAM الأشغال ذات التأثير المنعدم تقريبا على المنطقة. ومما زاد الطين بلة أنه قبل بضعة أشهر تم منحها ملحقا للعقد بمبلغ ملياري أوقية. هل تريدون مزيدا منالأمثلة؟ إن صفقة تجريف أحد روافد نهر السنغال، لعويجه، قرب الركيز، يثير الآن ضجة. ففي حين ينص إعلان المناقصةعلى أن هذا النوع من الأشغال لا يمكن تنفيذه إلا من قبل الشركات التي تمتلك المعدات اللازمة والتي أنجزت بالفعل أشغالامماثلة، فقد منحت لمجموعة تشكل في حد ذاتها شذوذا لأنهاتتكون من شركة عمومية (SNAAT) وشركة خصوصية (MTC، وهي شركة تابعة لمجموعة غده التي تعاقدت معها المؤسسة الوطنية لصيانة الطرق ENER وشركة ATTM على عدد كبير من صفقات الطرق)، ولا تمتلك أية خبرة في هذا المجال. والأدهى والأمر أن هذه المجموعة هي أغلى عرضا بمبلغ مليار وخمسمائة مليون من شركة ERB. تثير القضية حاليا ضجة كبيرة، ولكنها ستخبو في نهاية المطاف مثل سابقاتها. وباختصار، لقد مكنت محاربة الفساد النظام من معرفته بشكل أفضل... من أجل "السيطرةعليه" بصورة أقوى.

تابعونا