مع اتساع دائرة انتهاكات حقوق الإنسان في موريتانيا وزيادة التضييق على الحريات وانتهاج أساليب جديدة للقمع والتعذيب تطالعنا مفوضية حقوق الإنسان والعمل الاجتماعي بقرار تعين بعض موظفيها في حركة التفافية هدفها صرف الأنظار عن الواقع المزري الذي تعرفه حقوق الإنسان في هذا البلد وبشكل يكاد يكون محل إجماع كل المنظمات الوطنية والدولية المهتمة وكأن رسالة المفوضية إلينا أن كل تلك العيوب والملاحظات مرجعها ومردها الأوحد
هو غياب كادر بشري قادر على استحداث إستراتيجية وطنية تحمي حقوق الإنسان وتضع آلية عمل للوصل لغايات محددة ولو لم نمانع في تفهم الأمر من باب التسليم بأن "الإنسان نفسه قد لا يشكل غاية وجودية لبعضنا وإن فرضه واقع قدري لا نملك حق الاعتراض عليه حتى ولو لم يكن يتسق مع رغباتنا".. واقع قدري يبدو أنه تجاوز ما هو ذاتي إلى ما هو أعم وأشمل لتصبح تلك الكرامة _ المنة الإلهية_ وذلك الشرف المفترض أمرا يثير التساؤل والحيرة ويبعث على القلق ويدعو لإعادة النظر مليا لإخراج تلك المؤسسة الخادمة أو الحامية عن دائرة الضوء حتى نتمكن من تجنب النظر إليها من زاوية ثلاثية الأبعاد !!
ليس من الملزم ولا من الممكن أن نعطي للأشياء تلك الصورة الناصعة والمشرقة ونخلق ذلك الإجماع بعدم وجود عثرات أو نواقص تعيق العمل "الإنساني" الناقص بطبعه، لكن علينا كواجب ومبدأ أن نعمل قدر المستطاع على تجاوز مرحلة التخمين وسلبية التعاطي ووهم فرضية التأمر واستغلال تلك الحقوق مطية لتحيق غايات وأغراض سياسية أو اقتصادية لجهات ما.. إذ من الطبيعي أن ندرك أن كل تلك التنازلات التي نقدمها لتلك الأطراف على حساب قضية هي في الأصل حق ذاتي وواجب وطني قد يكون أكثر بكثير مما سندفعه مقابل تحقيق تلك الغايات الحقوقية المحضة..
ولكي لا يكون ما نقوله مجرد تحامل أو مواقف ذاتية نحيلكم إلى بعض التقارير بهذا الخصوص :
العربي: "حثت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الدولية الحقوقية في تقرير عرض في نواكشوط أمس أريك غولدستين نائب مديرتها لشمال أفريقيا «حكومة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على مراجعة حالة حقوق الإنسان في موريتانيا بما يضمن إطلاق سراح معتقلي الرأي، ومنح الحرية الكاملة للتجمعات والتظاهرات السلمية».
وتناول هذا التقرير في سبعين صفحة ما سمته المنظمة «تعامل السلطات الموريتانية مع المنظمات التي تترافع ضد التمييز العرقي والطائفي، والرق وإرثه، وانتهاكات الماضي الجسيمة التي استهدفت جماعات إثنية معينة، وقياس درجة حرية هذه المنظمات في التعبير عن نفسها، وفي التجمع، وفي التنسيق فيما بينها، إضافة للتدابير القمعية والتقييدية التي تواجهها».
المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان:
"إن وضعية حقوق الإنسان بموريتانيا خلال السنوات الاخيرة، كما رصدها هذا التقرير، الذي أعددناه بناء على ما تحصل لديها من معلومات ومعطيات، سواء عبر الرصد المباشر للانتهاكات من طرف نشطائنا، أو من خلال ما تنشره وسائل الإعلام ومراكز البحث بصفة عامة؛ قد تميزت باستمرارية الخروقات مع استفحالها، كما اتسمت بتواصل استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، ذلك الاستهداف الذي ما يزال مستمرا إلى يومنا هذا من خلال المضايقات والاعتقالات والمحاكمات، تلك الممارسات التي تفند كل خطاب حول إصلاح العدالة واستقلال السلطة القضائية؛ الأمر الذي أضحى ملحوظا مفضوحا لا تخفيه أباطيل المغالطات ولا أراجيف المزاعم والادعاءات.
هذا التقرير يتضمن وضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبها المرصد حسب مجموعة من المجالات، موزعة علي ثلاثة محاور هي : المحور التشريعي والمؤسساتي، الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو لا يزعم تغطية كافة الانتهاكات الممارسة، بوصفها حقوقا للإنسان، إلا أنها كافية لرسم الملامح العامة التيطبعت سلوك الدولة في هذا المجال، ومدى اتساق سلوكها ذاك مع احترامها الواجب للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا".