موريتانيا: المشهد يستأنف حراكه بتثاقل وتوقعات بشتاء سياسي ساخن انتخابات 2019 على الطاولة وملف «رشاوي بوعماتو» يتفاعل

1. نوفمبر 2017 - 7:16

يواصل المشهد السياسي الموريتاني استئناف حراكه بثاقل كبير بعد العطلة السنوية، رغم أن مؤشرات كثيرة تؤكد أن هذا التثاقل مجرد الهدوء الذي يسبق العاصفة. 
ويجمع المراقبون على أن الساحة الموريتانية مقبلة على شتاء ساخن؛ فالتعديلات في الحكومة وفي البرنامج السياسي للرئيس الخاص بما بعد استفتاء الخامس أغسطس/آب لم تخرج للعلن بعد، والمعارضة التي لزمت سباتا لأكثر من شهرين، استعادت لقاءاتها وتجاوزت مشكلة الرئاسة الدورية التي أخرت عودتها للساحة حيث تنازل قطب الشخصيات المستقلة عن الرئاسة لصالح القطب السياسي. وتمكن الرئيس محمد ولد عبد العزيز من إعادة مغاضبي «كتلة المواطنة» إلى صفه بعد أن هددوا بمقاطعة صف الأغلبية احتجاجا على ما أسموه «التغييب والإقصاء». 
وتتحدث الأوساط الإعلامية المحلية عن تغييرات متوقعة في الحكومة وفي المناصب العليا للدولة، حيث نقلت وكالة «الوئام» الإخبارية المستقلة عن مصادر رفيعة قولها «إن الرئيس الموريتاني بصدد إجراء جملة من التغييرات الهامة ستعصف برؤوس كبيرة في النظام».
وأضافت المصادر «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد زيارات تفقدية ميدانية وبعد تسلمه للتقرير النهائي للاستفتاء الشعبي وبعض التقارير الأخرى، حسم أمره وأعد العدة لاستبدال مسؤولين كبار في الحكومة ثبت عجزهم عن أداء المهام الموكلة إليهم خلال الفترة الماضية بأطر أكفاء وشخصيات سياسية وازنة للتمهيد للاستحقاقات التشريعية والبلدية والمجالس المقبلة».
وتوقعت المصادر التي نقلت الخبر للوئام أن تبدأ هذه التغييرات بعد اختتام الدورة البرلمانية الحالية.
وفي هذا الصدد، تنصرف الأنظار حاليا على مستويات عدة، للتحضير المبكر لانتخابات 2018 النيابية والبلدية ولمنعطف الانتخابات الرئاسية منتصف عام 2019، والمتابعون لهذه التحضيرات يتوزعون بين متفائلين قلة ومتشائمين كثرا. 
وقد عضد صف التشاؤم مقال نشره أمس أبرز مساند لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، هو الزعيم العروبي البعثي والمنظر السياسي المخضرم محمد يحظيه ولد ابريد الليل. 
فقد كتب مؤكدا بعد مقدمة طويلة « في النهاية، كما أن كل تصرف وكلَّ قول في هذه الفترة يمُتُّ بصلة إلى الاستحقاقات المقبلة، فإننا نترفَّع إلى مستوى الإرشاد المُلِحِّ، تجنُّبا لعبارة التحذير، وأن نجد أنفسنا عشيةَ الانتخابات الرئاسية محشورين في نفس المربع، وكأن خمس سنوات من الحكم لا تلد ولا تستحق استخلاصات ودروسا».
«فعلى الانتخابات المقبلة، لكي تكون ذات قيمة، يضيف ابريد الليل، أن تقضي على التأزمات الحالية وأن تفتح عهدَا جديدَا من الأمل والتفاؤل، وإلا فإنها ستكون بمثابة طقس مضلل لا طائل من ورائه». 
وقال «إن الموضوعية والنزاهة الفكرية تقتضي منا الاعترافَ بأن كافة المجموعات، وحتى الشخصيات المتمرِّسة، التي ساندت نظامَ الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتفان وإخلاص، منذ بزوغ شمسه يوم 6 أغسطس/آب 2008، مهمَّشة هي الأخرى ومُبْعَدَة، ووصل الخطأ أو الخطَل في النظرة، حَدَّ التنظير والتحجُّر، وأنَّ على السياسيين التنحِّي عن ساحة السياسة وأن الوقت قد حان ليحل محلهم خلق جديد… سيبدأ لا محالة لفترة غير قصيرة تعلم تلك الأبجدية العصية والقاحلة: أبجدية السياسة، إنه منطق لا يستقيم على قدمين».
وأضاف «إننا نعتبر أنفسنا جزْءا من النظام، وإن تَبَدَّى لنا – شيئا فشيئا – أن هذا الفهم إنما هو من جانب واحد، هو جانبنا، ولذلك نرى أن من واجبنا المشاركةَ، ولو بكلمة، في الحيلولة دون بَتْر الأمل وضَيَاع المشروع، ولا شك أن بيننا وبين نفوسنا خصومةً عنيفةً، ولكنْ، وبعد تردُّدٍ، انتصر حُبُّ الحقيقة ونبذ الإرادة العاجزة، فبدون ذلك ستكون صداقتنا المفروضة خالية أو كالخالية من النفع».
ومن ضمن الانشغال بمنعطف انتخابات 2019 الرئاسية نشرت الوزيرة السنية بنت سيدي هيبة الخارجة للتو من صف الموالاة للصف المعارض تدوينة تحت عنوان «أحلام يقظة»، ضمنتها حوارا متخيلا (سابقا لأوانه) مع الرئيس الذي سينتخب عام 2019، وحشرت فيها مجموعة نصائح مقدمة للرئيس.
وكتبت تقول « كنت هذا الصباح في دردشة مع السيد الرئيس الذي انتخبناه بكل شفافية وديمقراطية بموجب استحقاقات 2019 وقد استدعاني بوصفي مواطنة موريتانية من ضمن الكثير من المواطنين للاستئناس بآرائهم حول الطريقة المثلى للخروج بموريتانيا من أزمتها متعددة الأوجه». 
وأضافت مخاطبة الرئيس «قوموا باختيار فريق حكومي من أصحاب الكفاءات المشهود لهم بالنظافة من المال العام من النساء والرجال ومن مختلف الشرائح والأعراق الوطنية، واتخذوا قرارا فوريا بإلغاء نتائج الاستفتاء على الدستور الأخيرة، وقوموا بحل البرلمان والمجالس البلدية متعدية الصلاحية واستدعاء كافة الطيف السياسي لإجراء حوار جاد حول الأجندة السياسية المقبلة واتركوا الحوار دون ضغط منكم ليصل لنتائج عليها إجماع حقيقي».
وواصلت الوزيرة بنت سيدي هيبة نصائحها للرئيس مضيفة «أطلقوا سراح السيناتور ولد غدة والمشمولين في الملف من شيوخ ونقابيين وصحافيين واعلنوا وضع نهاية لأي متابعة من هذا القبيل، وقوموا بإلغاء مذكرات الاعتقال الصادرة بحق رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو ورفيقه محمد ولد الدباغ وتلك الصادرة في حق مصطفى الامام الشافعي، ووجهوا نداء إلى الشباب الموريتانيين في الداخل والخارج للمساهمة في تشكيل هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلد، وارفعوا اليد عن مؤسسات الاعلام الرسمي لتصبح كما ينص على ذلك القانون مؤسسات خدمة وطنية يرى فيها كل مواطن نفسه في التعبير عما يختلج في نفسه سواء كان معارضا أو مواليا أو مواطنا عاديا وزودوا وسائل الإعلام الحرة بالوسائل الضرورية وخففوا عنها الالتزامات فبدون نضوجها ستظل الديموقراطية والتنمية في خلل دائم، وأوصوا الوزير المكلف بالعدل بضرورة احترام استقلالية القضاء وبنيتكم في الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التدخل أو الضغط على قرار القاضي وفعلوا الرقابة على القضاة في هذا المجال وشكلوا مجلسا أعلى للقضاء لا ترأسونه ويتكون من كبار القضاة والخبراء في البلد».
وزادت «اجعلوا المعارضة شريكة لكم واستمعوا لرأيها واجروا بها اللقاءات التي ينص عليها القانون، واحترموا المؤسسة العسكرية كضامن لأمن البلد واستقراره وحوزته الترابية وابعدوها عن أي تدخل للتأثير في الشأن السياسي أو استغلال لنفوذها وأن تكون في خدمة المواطن ومصاله العليا فتلك مهمتها النبيلة».
وبالتوازي مع هذه التفاعلات يواصل ملف «رشاوي بوعماتو» الموضوع تحت نظر القضاء منذ ثلاثة أشهر، تفاعله في الخفاء ملقيا بظلاله على المشهد. 
فقد انقضى اثنان وثمانون يوما على سجن محمد ولد غده عضو مجلس الشيوخ المنحل دون أن يحاكم وهو ما أزعج الهيئات الحقوقية الدولية، حيث أكدت كوندي أوفام من منظمة العفو الدولية في تقرير عن زيارة أنهتها توا لموريتانيا «أن السجين محمد ولد غده كان جالسا على الأرض خلال زيارتها له في زنزانته التي يتقاسمها مع ثمانية سجناء آخرين». 
ونقلت عن السناتور غده قوله «لقد امتنعت من تقديم طلب بالحصول على حرية مؤقتة لأن ذلك ما يريده النظام لكي يترك القضية مهملة». 
وأضاف ولد غده، حسبما نقلته الحقوقية كوندي «ليس هناك في قضيتي إلا خياران اثنان، فإما أن يحاكموني أو يطلقوا سراحي».

القدس العربي 

تابعونا