أنواكشوط "موريتانيا الحدث " :
- يواصل الشيوخ المعارضون الأعضاء في مجلس الشيوخ الموريتاني المنحل وقفاتهم الاحتجاجية أمام المجلس، بينا رفعت النيابة العامة ملفهم إلى المحكمة العليا لإقرار حبسهم بعد رفض قاضي التحقيق ومحكمة الاستئناف طلبا للنيابة خاصا بذلك.
ودان المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تجمع معارض في البلاد أمس «قمع السلطات الأمنية للشيوخ»، مؤكدا أن «قمع احتجاجاتهم ممارسات ستقود البلاد إلى المجهول».
وأضاف: «إن القمع الوحشي الذي تعرضت له وقفات الشيوخ والتمادي في متابعتهم ومتابعة النقابيين والصحافيين ورجال الأعمال والإصرار على سجنهم، والتضييق على نشاطات الأحزاب السياسية، وقمع احتجاجات الشباب وأصحاب المظالم، كلها شواهد على النهج الخطير الذي يسلكه النظام للاستمرار في اختطاف البلاد.»
ودعا المنتدى «القوى الوطنية للتعبئة والتضامن والنضال من أجل سد الطريق أمام أجندة النظام الكارثية وإعادة المسلسل الديمقراطي إلى طريقه القويم وفرض التغيير السلمي والديمقراطي في البلد».
وأضاف المنتدى في بيانه « إن النظام يؤكد يوما بعد يوم تمسكه بنهج القمع وخنق الحريات الذي يتمادى فيه من أجل إخماد كل صوت يرتفع ضد ظلمه وكسر كل إرادة تتصدى لخطته الجهنمية المتمثلة في الاستمرار في أحكام قبضته على البلاد التي يعتبرها مجرد غنيمة استولى عليها بالقوة ويمكنه أن ينفرد بها بالقوة».
«إن هذا المنطق، يضيف المنتدى، الذي لا يختلف عن نهج وأساليب القراصنة في العهود الماضية، سيقود البلاد إلى الفوضى والتفكك والاضطرابات، فعندما يسد الحاكم الطرق الديمقراطية للتبادل السلمي للسلطة ويصر على التشبث بالحكم بالطرق الخارجة على القانون، فإنه يفتح على البلاد بابا للتغيير لا تحمد عقباه.»
وفي بيان آخر ذي صلة، اعتبر حزب اتحاد قوى التقدم المعارض «أن رفع ملف الشيوخ للمحكمة العليا بعد رفضه من محكمة الاستئناف ومن قاضي التحقيق، مجرد تصفية حسابات مع نواب حكموا ضمائرهم فيما اعتبروه مصلحة عليا للشعب»، وفق تعبيره.
وأكد الحزب «أن ملف الشيوخ خال من أية مخالفة تؤدي إلى الحبس أو حتى الوضع تحت نظر القضاء»، معتبرا «أن اختيار الشعب للشيوخ يعطيهم الحصانة الكاملة».
وفي إطار التنديد بقمع وقفة الشيوخ، أكد حزب التجمع الوطني للإصلاح المعارض «أن الشرطة أقدمت، في خطوة جديدة من مسار الاعتداء على الحريات، على قمع وقفة نظمها شباب وحضرها بعض الشيوخ مستخدمة أساليب لا تليق بممثلي الشعب ولا بأي مواطن يمارس حقه في التعبير بكل سلمية وحضارية، وإن كانت تصرفات النظام وأساليبه جعلتنا نتوقع منه كل شيء ينتهك القوانين بل والأعراف والأخلاق».
«وإننا حزب التجمع الوطني للإصلاح، يضيف البيان، وإزاء هذا التصرف المشين نؤكد إدانتنا الشديدة للاعتداء الذي تعرض له الشيوخ ومجموعات الشباب الذين يقفون ضد انتهاك الحريات والعبث بالدستور».
وجدد البيان «تضامن حزب التجمع مع السيناتور المختطف محمد ولد غده، حسب تعبير الحزب، ونكبر فيه روح الصمود والتضحية، وكذا تضامن الحزب مع الإعلاميين والشيوخ والنقابيين ورجال الأعمال المتابعين في هذه القضية».
وأردف: «إننا نذكر النظام بأن سياسة الهروب إلى الأمام والتمادي في طريق نسف القيم الديمقراطية في البلد لن تقود إلا إلى مزيد من التأزيم الذي لا يخدم مصالح البلد وأهله».
ولم يقف الأمر عند تنديدات المعارضة الموريتانية، بل دخلت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش» هي الأخرى على الخط، وأكدت في بيان وزعته عن حالة حقوق الإنسان في موريتانيا «أن السلطات الموريتانية اعتقلت السيناتور ولد غده في 10 أغسطس/آب 2017، بعد خمسة أيام من تصويت الموريتانيين في استفتاء لحل مجلس الشيوخ في البلاد، الذي كان ولد غده عضوا فيه، وكان من المعارضين الصريحين للتصويت، ووصفت المعارضة الاستفتاء، تضيف المنظمة، بأنه خطوة من قبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتوطيد سلطته، وربما لإعداد تغييرات دستورية تسمح له بالحصول على ولاية جديدة بعد ولايته الحالية الثانية».
ونقل البيان عن سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش قولها «كلما ظل محمد ولد غده محتجزا من دون أن توضح المحكمة التهم الموجهة إليه، كلما بات ظاهرا أن هذه القضية تتعلق بإسكات المعارضين للرئيس بدلا من تحقيق العدالة».
وتحدثت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش»، عن المسار الطويل الذي مر به السيناتور المعتقل محمد ولد غده، بدءا بمثوله الأولي الوحيد في المحكمة في 31 أغسطس/آب الماضي، وفيها لم يسأله القاضي عن مضمون القضية المعتقل من أجلها بل تم استجوابه بشأن الدعم المالي المزعوم تلقيه من محمد ولد بوعماتو، رجل أعمال موريتاني متبرع مؤيد للمعارضة.»
وأضافت المنظمة «بعد ثلاثة أسابيع من اعتقال ولد غده، استدعت السلطات واستجوبت 12 عضوا آخر في مجلس الشيوخ، و4 صحافيين مستقلين، و2 من قادة النقابات، وكجزء من التحقيق نفسه في الفساد، أصدر المدعي العام الموريتاني في 1 سبتمبر/أيلول مذكرة توقيف دولية بمزاعم فساد ضد ولد بوعماتو وأحد شركائه التجاريين محمد ولد دباغ، المنفيّين حاليا في المغرب».
وأوضحت المنظمة «أنها وجهت في 16 سبتمبر/أيلول، رسالة إلى وزير العدل الموريتاني إبراهيم ولد داداه تثير فيها مخاوفها بشأن احتجاز ولد غده، لكن لم ترد السلطات الموريتانية على استفساراتها بهذا الخصوص».
وأردفت «بموجب المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، الذي صادقت عليه موريتانيا في عام 2004، فإن أي شخص يلقى القبض عليه أو يحتجز بتهمة جنائية يجب عرضه أمام قاض، ويحق له أن يُحاكم في غضون فترة زمنية معقولة، أو أن يُفرج عنه، وتنص المادة 14 من العهد على أن لكل شخص يواجه تهمة جنائية الحق في جلسة استماع أمام محكمة مستقلة ونزيهة من دون تأخير لا داع له، وتضع مبادئ اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وإرشاداتها التوجيهية بشأن الحق في محاكمة عادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا، معايير مماثلة لإجراء محاكمة عادلة وسريعة».
وأنهت المنظمة بيانها قائلة «كلما طال أمد سجن ولد غده من دون إجراء قضائي عادل وشفاف، كلما بدا الأمر أن قضيته عرض عضلات لإسكات معارضي الرئيس».
القدس العربي