علاوة عار الآن أو تطبيق مبدأ صدام حسين

29. أغسطس 2017 - 8:40

 

أود الهمس في آذان الاصدقاء الجيدين الذين يسألونني لماذا لا ننشغل بشؤون المجتمع العربي. اصدقائي الاعزاء، الحكومة بمحاسنها لا تترك لنا لحظة صغيرة حتى من اجل مد أذرعنا في الصباح. كل يوم وكارثته: هدم المنازل، مخططات لنقلنا الى خارج الدولة وغير ذلك. في الحقيقة، يا سادتي، كيف يمكننا تنظيف الاسطبلات عندما تكون هذه الاسطبلات في خطر وجودي؟.
في الاسبوع الأخير حدث أمر ما يمكن من خلاله انتقاد العرب واليهود معاً. في حينه اعتاد “زعيم القومية العربية” صدام حسين بعد قتل أحد معارضيه على ارسال فاتورة حساب لعائلة القتيل بثمن الرصاصات التي استخدمت في تنفيذ عملية وطنية كهذه. فما هو رأيكم؟ هل تريدون التخلص من عدو الوطن وتحمل عبء اعدامه؟.
أنا لا أعرف ما اذا كانوا في اسرائيل قد تعرفوا على هذا التقليد العظيم، لكن الحقيقة هي أنه هنا ايضا تم اتخاذ قرار بتبني هذا المبدأ العظيم. في الاسبوع الماضي نشر في “هآرتس″ أن المحكمة قررت الزام ستة اشخاص من سكان قرية العراقيب في النقب – التي لها رقم قياسي عالمي في عدد المرات التي هدمت فيها منازلها – بتكاليف الهدم التي تبلغ 260 ألف شيكل، و100 ألف شيكل تكاليف المحكمة. اذا لقد تحققت العدالة: الدولة تهدم منازل العرب وهم يقومون بالدفع! صدام حسين قام من موته في بلادنا.
من اجل أن نكون منطقيين سنقول على الفور بأنهم هنا لا يستخدمون الرصاص بل الجرافات، وأن الهدف في حالتنا هو هدف نبيل: الحفاظ على تراب الوطن من الغزاة الغرباء، الذين يوجدون على هذه الارض منذ زمن طويل قبل اولئك الذين قرروا تمليكها بصورة حصرية لشعب يعيش قسم منه في الخارج، والذين اذا تم ذكر النقب أمامهم سيفكرون أن الامر يتعلق بعقار موجود على كوكب آخر. ولكن لا تقلقوا. فعندما سيقرر اخوتنا في الولايات المتحدة القدوم الى هنا خوفا من النازيين الجدد في شارلوتسفيل فيحتمل أنه لن يمر وقت طويل حتى يطلبوا طرد أبناء الصحراء.
الحقيقة هي أن مبدأ صدام حسين هام جدا. ومع قليل من الابداع يمكن استخدامه في مجالات اخرى. مثلا، اذا أراد الداد ينيف ومني نفتالي التظاهر فيجب عليهما دفع التكاليف: أجر رجال الشرطة الذين يتعاملون بشكل فظ مع المتظاهرين، وأجرة المحامين الذين يقومون باعداد لوائح الاتهام، وأجرة ساعات عمل رجال العلاقات العامة والمتحدثين الرسميين، وثمن الوجبات التي حصلوا عليها في المعتقل. ويجب عدم نسيان ساعات عمل الوزير المسؤول الثمينة، التي يقضيها في كتابة تصريحاته الكاذبة في الفيس بوك.
صديقي العقلاني سحرته هذه الفكرة وواصل خط تفكيري: اذا أصيب شرطي، لا سمح الله، في المظاهرة، فلماذا تتحمل الدولة تكاليف علاجه؟ من يريد التظاهر عليه أن يدفع، الديمقراطية ليست نزهة. وقد دهشت من سماع اقواله الرصينة. لقد قمت بالتعهد من خلال الفيس بوك بالمشاركة في مظاهرة ما من اجل اراضينا التي لم تعد موجودة. وتساءلت: ماذا بشأن متظاهر عادي، ليس منظم المظاهرة، هل يجب عليه أن يدفع؟ نعم، فليس هناك وجبات بالمجان! وعلى الفور توجهت الى البنك كي أفحص اذا كان يمكن تدبير شؤون البيت، حيث يجب الاستعداد لكل شيء. وفقط عندما حصلت على جواب ايجابي من الموظف توجهت الى المظاهرة وأنا مطمئن.
لقد سبق للدولة أن كانت في وقت ما تدفع علاوة عار للموظفين في قطاعات معينة، الذين كانوا يتعرضون للاهانة من الجمهور اثناء تأدية واجباتهم. ربما حان الوقت لأن تكون علاوة العار ايضا من نصيب اولئك الذين طلبوا من السكان المعدمين دفع تكاليف هدم منازلهم. وبالمناسبة، ربما يقومون بتوسيع الدائرة بحيث تصرف هذه العلاوة للوزراء الذين يخدمون بلا أي خجل تحت إمرة رئيس حكومة تحوم حوله الشكوك من كل اتجاه.
وسألت صديقي العقلاني: اذا لم يدفع سكان العراقيب فماذا ستفعل الدولة؟ فأجاب: هذا بسيط، ستقوم الدولة بهدم منازلهم مرة اخرى.
هآرتس  بقلم : عودة بشارات

تابعونا