قارنت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته أمس بين موقف الرئيس المالي بوبكر كيتا الذي علق قبل يومين تنظيم استفتاء شعبي حول تعديلات دستورية مراعاة لمصلحة مالي، مع إصرار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على تنظيم استفتاء الخامس من آب /أغسطس الأخير برغم ما قوبل به هذا الاستفتاء، حسب البيان، من معارضة واسعة.
وجاءت هذه المقارنة فيما الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز غير مكترث لبيانات ومقارنات المعارضة، مقبل على شأنه، منتش بالانتصار الذي حققه في الاستفتاء، حيث بدأ توقيع المراسيم المطبقة للتعديلات الدستورية وفي مقدمتها مرسوم تشكيل لجنة وطنية لمراجعة النشيد الوطني.
وتوقفت المعارضة الموريتانية في بيانها عند قول الرئيس المالي في خطابه الخاص بتعليق الاستفتاء «قررت بكل مسؤولية، مراعاة للمصلحة العليا للبلاد وحفاظا على مناخ اجتماعي هادئ، أن أعلق تنظيم الاستفتاء حول تعديل الدستور». قبل أن تضيف «بهذه العبارات المسؤولة توجه الرئيس المالي إلى شعبه لما رأى أن الاستفتاء الذي يريد تنظيمه لن يتم في جو توافقي، وأنه سيزيد الشعب المالي فرقة، ويزيد الأزمة السياسية مع معارضة حادة، لقد غلب الرئيس المالي مصلحة بلده، واختار بحكمة أن يبقي على لحمة شعبه وانسجامه، بدل التعنت ومحاولة فرض إرادته وجر بلده إلى ما لا تحمد عقباه».
أما في موريتانيا، تضيف المعارضة: وبرغم المعارضة الواسعة التي واجه بها الشعب الموريتاني التعديلات الدستورية التي قدمتها السلطة، وبرغم أن هذه التعديلات تشكل خرقا واضحا للدستور، وتزيد الأزمة السياسية عمقا واتساعا، وبرغم أنها تفرق الموريتانيين في وقت هم أحوج ما يكونون فيه لما يجمع كلمتهم ويقوي وحدتهم وانسجامهم، وبرغم أن هذه التعديلات لا تكتسي أي طابع استعجالي في الوقت الذي تعيش فيه البلاد العديد من المشاكل الملحة ذات الأولوية، برغم من كل ذلك، أصر ولد عبد العزيز على تمرير إرادته الفردية بالتزوير واستغلال سلطة ونفوذ الدولة، ضاربا بالمصلحة الوطنية وبالقوانين والأعراف الديمقراطية عرض الحائط.
وجددت المعارضة الديمقراطية الموريتانية في بيانها رفضها الحازم لما دعته «مهزلة الاستفتاء الذي فرق بدل أن يجمع، وزاد من المشاكل بدل حلها، وعمق الأزمة بدل علاجها»، مدينة بشدة ما سمته «تصرفات الحكم الفردي المتسلط الطائشة وغير المسؤولة، التي تجر البلاد نحو المجهول وتهدد استقرار البلد ووحدة الشعب.»
ودعت المعارضة في بيانها «القوى الوطنية كافة إلى التضامن وتوحيد الجهود من أجل الوقوف في وجه، ما سمته المعارضة «السياسات المتهورة للنظام، ومن أجل إعادة المسلسل الديمقراطي الى طريقه الصحيح».
وفي هذه الأثناء ينتظر الرأي العام الموريتاني بفارغ صبر القرارات التي سيتخذها الرئيس الموريتاني في مرحلة ما بعد الاستفتاء التي ينعقد الإجماع حول دقتها وحساسيتها كونها مرحلة الإعداد لانتخابات 2019 الرئاسية التي تشكل أول اختبار للتناوب على السلطة بعد انتهاء مأموريتي الرئيس الحالي.
وأكد موقع «الساحة» الإخباري الموريتاني في تحليل له حول آفاق ما بعد الاستفتاء «أن بعضهم يعتقدون أن الرئيس سيقوم بتغيير شامل للحكومة من أجل إتاحة الفرصة لوجوه جديدة قادرة على مواكبة المرحلة المقبلة بكل تجلياتها، وهو ما يتطلب وفق نظرهم إقالة حكومة المهندس يحيى ولد حدمين وتكليف شخص آخر تشكيل حكومة جديدة لن تضم إلا القليل من وزراء الحكومة التي سبقتها ، وهو ما سيسمح، حسب «الساحة»، بتوحيد صفوف الأغلبية الرئاسية، وتهدئة الغاضبين من بعض رموز الحكومة الحالية، وإرضاء الذين لم يعجبهم أداؤها، إضافة إلى إشراك وطمأنة «القواعد العريضة» من المصوتين بنعم في الاستفتاء الأخير».
وأضاف الموقع «في حين يعتقد بعض المراقبين أن الرئيس ولد عبد العزيز لن يحرك ساكنا، وسيجنح إلى الهدوء برغم عدم رضاه عن أداء «أغلبيته الرئاسية» وغضبه من بعض رموزها، حيث سيتمسك بالوزير الأول الحالي، ويكلفه بتشكيل حكومة جديدة، أو يكتفي الرئيس بتعديل جزئي يطيح بعض الوزراء الذين «فشلوا في النهوض بقطاعاتهم»، أو أولئك الذين برهنت حملات الاستفتاء أنهم من دون قواعد شعبية».
«وعموما، تضيف الساحة: إن الصمت قبل العاصفة يؤكد في تجلياته أن التنافس يحتدم بين مكونات الأغلبية الرئاسية من أجل نيل ثقة الرئيس ولد عبد العزيز في قيادة حكومة المرحلة المقبلة، والمشاركة في رسم معالم ما يصفونه بـ «الجمهورية الثالثة».
القدس العربي