ولد حرمة يكتب عن ذكاء الحسن الثاني ويمتدح تجربته الديمقراطية

16. أغسطس 2017 - 15:26

أكدت حوادث الأيام والسنين أن ما يهدد حكم الفرد يختبئ دوما في دائرة المتفانين في التقرب منه، ومن تلك الحوادث الكثيرة أنه في مثل هذا اليوم 16 اغسطس من  سنة 1972 عند الساعة 10 صباحا  و16 دقيقة  هاجم سرب من مقاتلات  أف 05 طائرة العاهل المغربي الراحل  الحسن الثاني بعد عبورها بدقائق الحدود الاسبانية، وبأعجوبة مذهله تمكن ربانها محمد القباج من الهبوط بنجاح بطائرة، بالغة الاصابة، وسط سحب من الدخان في مطار الرباط العسكري. قبل ذلك بسنة، في 10 يونيو 1971، حوصر قصر الملك بمدينة الصخيرات في لحظة الاحتفال بعيد ميلاده، وتمت السيطرة التامة عليه، وعلى قيادة الأركان والإذاعة وأمضت يومها تبث بيانات الانقلابيين وأغانيهم، و تمكن العاهل بأعجوبة محيرة من الخروج مساء من مكان اختفائه واستعادة الحكم والسيطرة. المحاولة الأولى تمت بأمر من قائد الحرس الملكي الجنرال محمد المذبوح المقرب جدا من الملك، وتنفيذ مدير المدرسة العسكرية في أهرمومو، محمد أعبابو، أما الثانية فدبرها وزير دفاع الملك المقرب جدا من القصر أوفقير بواسطة مسؤول قاعدة القنطيرة الجوية، مقران.  حينها فهم الحسن الثاني بذكائه الاستراتيجي أن عليه البدء بمسار آخر غير مسار تحكمه قاعدة تصفية خصوم دمويين (مقربين سابقين) بخصوم دمويين من (مقربيه اللاحقين) واتخذ قراره بالدخول الفعلي الجاد في مسلسل ديمقراطي خففت نتائجه من سلطة حكم الفرد لصالح دولة المؤسسات والقانون  ابتداء من 1975، رغم أن هامش المناورة السياسية كان كبيرا لديه، فلا وجود لفضاءات دولية ولا مجتمعية خارج المغرب تضغط عليه لاحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، ورغم استناده لشرعية دينية وتاريخية تعود لقرون من الزمن، وانتماء نظامه الملكي لحلف دولي متفوق من جهة السيطرة والتحكم الدوليين.  هذه الخطوة وإن تباطأت هي التي قادت إلى مرحلة من الاستقرار النسبي، جعلت تجربة المغرب على علاتها في نظر كثيرين من بين أحسن تجارب الانتقال الديمقراطي في الوطن العربي، وجعلت المغرب من أكثر بلدان العرب استقرارا.
من صفحة عبد السلام ولد حرمة

تابعونا