ازدادت قضية اعتقال السناتور الموريتاني المعارض محمد ولد غده خارج إجراءات القضاء، حسب تأكيدات محاميه، تعقيدا أمس بعد أن منعت السلطات الأمنية تنظيم وقفة احتجاج من المتضامنين مع أسرته أمام مندوبية الأمم المتحدة. وأكد أقارب السناتور المعتقل أنهم «منعوا من تنظيم وقفة أمام مندوبية هيئة الأمم المتحدة في موريتانيا، للمطالبة بالكشف عن مصير ابنهم السيناتور الذي تم اختطافه منذ ثلاثة أيام، حسب تعبيرهم».
وبالتوازي مع هذا وفيما لم ينشر الطرف الحكومي لحد ظهر أمس أي توضيحات عن هذه القضية، اتسعت نطاقات التنديد باعتقال السناتور المعارض؛ حيث طالبت لجنة الأزمة في مجلس الشيوخ «وزير الداخلية بالقيام بكل ما يلزم من أجل العثور على الشيخ المختطف ومعرفة ملابسات اختطافه والجهة التي قامت بذلك وإعادته إلى ذويه»، مؤكدة «أنها مستمرة في حالة انعقاد في انتظار نتائج التحقيقات».
وأكدت اللجنة في بيان وزعته أمس أنها «تدارست قضية اختطاف الشيخ محمد ولد غدة من منزله مساء الخميس الماضي من قبل أشخاص في زي مدني، حسب ذويه».
وصعد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أكبر تجمع معارض من لهجته؛ حيث دان في بيان وزعه أمس ما سماه «اختطاف السيناتور محمد ولد غده والقمع الوحشي الذي تعرضت له أسرته وأنصاره خلال تنظيمهم وقفة سلمية».
وأكد المنتدى «أنه يسجل بقلق بالغ مستوى الانتكاسة التي وصلها البلد في ظل النظام الحالي من تسييس للقضاء وامتهان لكرامة المواطنين وانتهاك لحرمة القانون والمؤسسات، وهو ما يشي للأسف بأن البلد يُدفع حثيثا للسير في نفق مظلم سيهدد وحدته وأمنه واستقراره».
ودعا المنتدى المعارض « القوى الحية والفاعلة في المجتمع كافة للوقوف بحزم في وجه هذا العبث وهذا الانهيار غير المسبوق في تاريخ البلد».
وشدد التأكيد بأن «نظام القمع، حسب تعبيره، يواصل هواياته المفضلة في التنكيل بالمواطنين وقمعهم واختطافهم، من دون مراعاة لمكانة أو حصانة، أو احترام للقانون في مساطره وإجراءاته، وآخر بنود هذه الجوقة هو اختطاف السناتور المناضل محمد ولد غده من دون أن يعلم أهله ولا محاموه بمكان احتجازه وحتى من دون علم وكيل الجمهورية أو المدعي العام.» «كما أقدم النظام اليوم، يضيف البيان، في تجدد لارتكاساته وانتكاساته الأخلاقية على القمع الوحشي اللا إنساني والجبان لوقفة سلمية نظمتها أسرة الشيخ محمد ولد غده وبعض زملائه ومناصريه؛ إنها دولة البوليس في أوضح تجلياتها، شرذمة قليلون يعبثون بمصائر البلاد والعباد، ويتخبطون في حمأة الإفلاس السياسي والأخلاقي الذي أفقدهم أبسط قواعد العدل والصواب والمنطق؛ حيث يتم سحل النساء والأطفال وإهانة المنتخبين والاعتداء عليهم، لا لشيء سوى أنهم جاؤوا ليعرفوا مصير ابنهم المختطف خارج طائلة القانون والقضاء.»
وفي بيان آخر، أعلنت الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) أنها «تلقت نبأ اختطاف عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده في خطوة غريبة ومستهجنة تؤكد تغول السلطة التنفيذية واحتقارها للسلطة التشريعية؛ إذ انتهكت الحصانة البرلمانية لهذا الشيخ ولم تعبأ بوضعه الصحي، ومنعته من حقه المشروع في التنقل والتحرك الذي يكفله القانون والمواثيق الدولية». «إننا في الكتلة البرلمانية لحزب التجمع، ندين بقوة هذا التصرف الذي أٌقدمت عليه السلطات الأمنية الموريتانية، ونعتبره عودة لعصور الظلام والاستبداد وغطرسة البوليس السياسي الذي اختطف الشيخ الموقر في سلوك أشبه بسلوك العصابات، ومنع ذويه ومحاميه من لقائه أو حتى تحديد مكان احتجازه». «ونحن إذ نستغرب هذه التصرفات غير القانونية وغير الأخلاقية ولا المسؤولة، يضيف الحزب، لنؤكد مطالبتنا بالإفراج الفوري عن عضو مجلس الشيخ محمد ولد غده والسماح له بممارسة حقوقه التي يكفلها له القانون وفق الحصانة البرلمانية الدستورية، ونعتبر أن الغطرسة والقمع والاختطاف وغيرها من الأساليب البوليسية مدانة ولا ينبغي اللجوء إليها، خصوصا في دولة تدعي الديمقراطية وحرية التعبير».
هذا وتجري تفاعلات هذه القضية بينما ينتظر الجميع إفراج المجلس الدستوري الموريتاني عن نتائج الاستفتاء حول التعديلات الدستورية الذي نظم يوم الخامس أغسطس / آب الجاري وقاطعتهم المعاردضةد
، وفاز فيه خيار «نعم» بأكثر من 86 في المئة من الأصوات، وبلغت نسبة المشاركة فيه 53 في المئة، لكن رفضته المعارضة وأكدت أنه شيب بتزوير كبير غير مسبوق. وتؤكد هذه الأحداث جميعها المستوى الكبير الذي وصل إليه الاحتقان السياسي في موريتانيا بين النظام ومعارضيه، سنتين قبل تنظيم انتخابات رئاسية مفصلية من المفروض أن ينتخب فيها رئيس آخر غير الرئيس الحالي.