
ما عاد أمامنا سوى أن *نكون أو لا نكون* / سيدي علي بلعمش
ما وصلته السطحية و السخافة و التنصل من أي مستوى من الأخلاق و المسؤولية في هذا البلد ، تجاوز كل حدود اللباقة : لقد دمَّرت بلدَنا هذه "الصحافة" السخيفة ، المتمردة على كل قيَّم المهنة ، المخجلة بسلوكها المشين ، الجاهلة بكل ما تحتاجه :
ـ صنعت آلهة من أتفه الحكام ..
ـ صنعت أبطالا من ورق ..
ـ صنعت زعماء وطنيين من خونة لا نعرف من أين يأتون ..
ـ صنعت جرائد و مواقع و قنوات و منصات من خردة مزبلة الجهل المركب ..
ـ صنعت علماء (حدَّ الإفتاء) ، من صغار المتطفلين ..
# كل مصائب الوعي و التميز و التقدم و التعقل ، دمَّرتها هذه الصحافة القادمة من خلف أكبر نقطة استفهام ، تماما مثل العائدين (في المغرب) إلى حيث لم يأتوا قط !!؟
كل أسباب التنمر و التغول و الترنح و التوغل في أدغال الجهل و التخلف و انزلاق قطار البلد عن سكة الأمان ، كانت بسبب ابتلاء بلدنا بمثل هذه الصحافة التي لا تعرف عن أسرار المهنة إلا ما يعرف بيرام عن تاريخ موريتانيا التي دخلها آباؤه في الأغلال (على حلبة العرض) و خرجها هو بعلاَّفة عربة حمال (على حلبة الطلب)..
و ينسى الكثيرون أن من حق بيرام أن يقول إنه ليس من مجتمع البيظان لأنه ليس منه فعلا : بيرام ليس المرحوم همَّدِّي .. ليس الأمير بيجل .. ليس الزعيم مسعود .. بيرام ليس الأسطورة ولد امسيكة ؛ فما الفرق بين بيرام و صار إبراهيما ؟
هذا التبجح بالجهل و الحماقة و تحدي شعور الجميع لا يمكن استمرار التعايش معه .. لا مبرر لتجاوزه .. لا نفهم أسباب السكوت عليه .. لا يمكن أن يؤدي إلى ما تحمد عُقباه !!
لو كان لبيرام عقل سوي ، لما تخيل يوما أنه يمكن أن يصل إلى السلطة في بلد لا يفهم فيه حتى أنه لا يفهم !!
لا شك أن السلطات تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية ترشح جاهل ، معقد ، تتعاطاه الأماني المريضة و أحلام الجنون ، لم يحصل على التزكية القانونية في الانتخابات الأولى و لا الثانية ، ما كان له أن يحلم بالترشح للرئاسة لولا إجرام عزيز و مخططه الشيطاني ، حين أراد أن يقول للشعب ليس أمامكم اليوم سوى أن تختاروا بيني و بين بيرام ، ليأتي تتاليهما تأكيدًا لابتلاء بلدنا بسبب عقوق أبنائه !!
كان على السلطات في الانتخابات الرئاسية الماضية ، أن تحترم خيار الشعب الذي لم يوفر لبيرام النصاب للمرة الثانية ، لكن بقايا فلول عزيز داخل النظام ، المعروفين من الجميع ، وقفوا بالمرصاد لمخطط وزير الداخلية الرامي إلى احترام إرادة الشعب المتمثلة في تزكية من يزكيهم ممثلو الشعب من العمد و المستشارين البلديين فقط .
و بدعوى كيدية أقبح من كل ذنب ؛ قالت جماعة عزيز إن من احتل المرتبة الثانية بسبب إجرام عزيز يجب أن يُعطى نفس الفرصة (للإساءة لمن يأتي بعده) !!
و كأنَّ النظام متهم بالتآمر على بيرام ، قامت هذه الجماعة بتسويق فكرة أن من الأفضل السماح له بالترشح عن طريق منحه تزكية من الحزب الحاكم لتفادي الحرج !؟
*أي حرج في الكون أكبر من الأخذ برأيكم* !؟
كانت هذه جريمة لا تغتفر ، يعرف الجميع من كانوا وراءها و يعرف أكثر علاقتهم المقدسة بولد عبد العزيز ؛ "المطعم من جوع ، المؤَمن خوف" (تعالى الله علوًا كبيرا) : ما زلت في حيرة من أخذ الرئيس برأي من يسقط من هذا العلو الشاهق (!؟) .. من ثقته في من أوصله الترنح في فن النفاق إلى وصف اللص عزيز بالأفضل من الماء و الكهرباء !؟
هل من الإنصاف يا فخامة الرئيس ، أن تطلب منا احترام خيارات نست يوما أن التاريخ لا يرحم !؟
ـ بيرام ليس رجلا سياسيا بل سمسار أزمات ..
ـ بيرام ليس رجل حقوق لأنه أكثر من يسيء إلى المجتمع و أكثر من يذنب في حقه ..
ـ بيرام لا يكترث لأي منطق و لا يبحث عن أي حوار و لا يخدمه الوصول إلى أي حل في أي شأن ..
# كل أوراق بيرام مكشوفة ..
# كل نياته مفضوحة ..
# كل جرائمه معادة (للمرة العاشرة) !!
و من يتابع اليوم ، الحملة الإفريقية و البانافريقية على موريتانيا و مبرراتها العنصرية الصارخة ، يفهم بوضوح أننا أصبحنا أمام خيارين لا ثالث لهما : *أن نكون أو لا نكون* .
و لا يخفى على أي منا اليوم ، أن الجبهة الأمامية لهذه الحملة الخارجية المسعورة ضد بلدنا ، هي إيرا و افلام و مجرتهما الخائنة (قوس قزح ، لا تلمس جنسيتي ، مجموعة صار إبراهيما …).
لقد سامحنا و تجاوزنا و تعامينا و تغاضينا و تفهمنا و جارينا و سايرنا ، و تعايشنا بأعلى درجات صبط النفس ، مع إساءات بيرام و مجموعته و تهديدات تيام صامبا و عصاباته و تنظيرات صار إبراهيما المعادية لثقافة البلد ، المحتقرة لأهله .!
*فإلى متى هذا الهوان* ؟
*إلى متى هذا التملق* ؟
أكثر من 180 مليون زنجي إفريقي تم بيعهم من قبل أبائهم و أسيادهم و خطفهم من قبل قراصنة أمريكا و أوروبا ، مات أكثر من نصفهم في أعالي البحار غرقا و مرضا و جوعا و إهمالا ، فماذا يمكن أن تمثل موريتانيا من هذا العدد الفلكي ، المُتجاوَز اليوم بكل بشاعاته !؟
كان بعض الأفارقة يبيعون أبناءهم بأرخص عملة (موطئ قدم من الملح) ، فمن المسؤول الأول عن جريمة العبودية !؟
كان سادتهم يبيعونهم بأرخص من ثمن الخرفان ، فمن المسؤول الثاني عن جريمة العبودية !؟
كان القراصنة الغربيون يصطادونهم كما يصطادون السمك ، فمن المسؤول الثالث عن جريمة العبودية !؟
هذه الجهات الثلاثة المجرمة بالردحة الأولى و الثانية و الثالثة هي من تحاول اليوم تحميل موريتانيا ، بعددها الميكروسكوبي آنذاك (أقل من 100 ألف نسمة) ، مسؤولية أكثر من 180 مليون إفريقي باعها أبناءُ جلدتها لأجرم قراصنة العالم !؟؟
بعد احتجاجات الدياسبورا الإفريقية في بريطانيا على حفل تأبين الملكة إيليزابيت بدعوى أن مملكتها شاركت ببشاعة في بيع العبيد الأفارقة ، انبرت لهم إحدى وزيرات النظام و قالت بالحرف الواحد "ما نعرفه هو أن بريطانيا فقدت أربعة آلاف من جنودها لإنقاذ الأفارقة من بيع أسيادهم و مشايخهم " . و لم تجد معالي الوزيرة حتى الحين ، من يرد عليها !!
و شهد الجميع (قبل أكثر من عام) ، احتجاجات الحقوقيين في مالي ، مطالبين باتخاذ إجراءات مشابهة لما فعلت موريتانيا في مجال محاربة العبودية !!
و قبل حوالي عام من الآن فقط ، شهدت مدينة تييس (السنيغالية) ، أغرب تظاهرة في القرن 21 ، حيث رابط نبلاء المدينة عدة أسابيع عند مقابر ذويهم رافضين دفن العبيد مع أسيادهم . و لم تستطع أي وسيلة إعلام سنغالية رسمية أو حرة ، أن تتكلم عن الموضوع ببنت شفة يا خالي ديالو ، يا بيرام ، يا صار إبراهيما ، يا تيام صامبا ، يا جبناء ، يا نصابين ، يا أفاكين ، يا أكذب من ادعى الدفاع عن العبيد ، يا أجبن من دافع عن حقوق الإنسان ، يا من بلغتم من السذاجة و الجهل حد التهجم على موريتانيا من قلب أكبر و أقدم معقل للعبودية في تاريخ البشرية بشهادة العالم أجمع !!؟؟
نحن لا نفتخر اليوم بأننا أكثر
ديمقراطية من أي من هذه الدول التي نحترم لها خياراتها و خصوصياتها ، بل نفتخر على الجميع بأننا نحب شعبنا و نحترمه ، لا نفرق بين مكوناته ، امتثالا لأوامر مالك الملك عز و جل و سنة سيد الخلق و ثقافة شعبنا الطيب و جبلته الرائعة في التسامح و التآخي و التآزر ، ليس دفاعا عن ماكينة النظام التي تعيشون من أطبائها و إنما عن الشعب الذي يحتقركم و يخجل من تفاصيل حقيقتكم !!
و سأرفع قبعتي عاليا لبيرام ولد اعبيد ، إذا أخرج لنا الحقوقي الشجاع ، بيانا يندد فيه بمقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد الذي أدانه العالم أجمع و تحيَّر الجميع من بشاعة طريقة قتله و وهن أسبابها !؟
لا يستطيع بيرام أن يندد بتظاهرة نبلاء تييس لأنه يدرك أنه لن يجلس في بيته الجديد في آلمادي إذا فعلها ..
لا يستطيع أن يصدر بيان تعاطف مع ذوي جورج فلويد لأنه متأكد أنه لن يستطيع بعدها دخول أمريكا لشحت المساعدات من أنصار عزيز و فلول عصابة افلام الذين يدفعونه إلى التهلكة بعدما تأكدوا أن لموريتانيا شعبا يحميها ، تحت رماد هدوئه جمرٌ لا يتمنى الاكتواء به إلا أحمق تسوقه الأقدار إلى نهايته !!
لا يستطيع بيرام و لا تيام صامبا و لا خالي ديالو و لا صار إبراهيما ، التنطق بنصف كلمة أو إيماءة أو إشارة ، حول قتل الفولان على الهوية في مالي و بوركينافاسو و النيجر (…) ، لكن موريتانيا هي دولة الآبارتايد التي تتعاورها نبال أحقادهم الدفينة : *أكبر مصائب الدنيا أن يكون الرأي لمن يملك لا امن يرى* !!
الشعب الموريتاني اليوم مستهدف ببيضه و سمره و سوده .. بعربه و عجمه .. بأشرافه و خونته ؛ لم يعد يتحمل مناقصات بيرام و مزايدات افلام و مناورات صار إبراهيما و ترهات مولود االسوق السوداء الجديد خالي جيالو ؛ فكونوا من تشاؤوا و اركبو أطول خيلكم و تحالفوا مع ألف شيطان و أرونا ماذا تستطيعون !؟
أرونا بماذا تهددوننا !؟
# نفذ أجندتك الشيطانية يا تيام صامبا و اخرجنا من أرض الميعاد !!
# تجاسر على ثقافة من تنسى أنهم من أخرجوا آباءك من أدغال الوثنية يا صار إبراهيما و علمنا كيف نكون مجتمعا متحضرا يُقبِّل أحذية أسياد إذلاله !!
# نفذ وعيدك يا بيرام بحرق الشرطة و الدرك !!
# نفذ تهديدك بحرق العاصمة ؛ *فما حاجتنا إلى بلد يستطيع قزم مثلك أن يهدده* !؟
على من يطرح علينا شروط اليمامة بنت كليب (التغلبية) ، أن يتأكد اليوم أنه واهم .. أنه غافل .. أنه جاهل .. أنه عالق بأجفانه في قبضة المستحيل ..
أريد في النهاية أن أشير إلى أن كل مشاكل بلدنا اليوم ، من فوضى و فساد و استهتار و تخلف و تنصل الجميع من الإحساس بأي مسؤولية ، لا يعود إلى فساد النظام بالدرجة الأولى : إن مَرَدَةَ شياطين الفساد بكل أنواعه تكمن في تفاصيل صغيرة يتجاوزها الجميع :
الاحزاب و الجرائد و المواقع و المنظمات غير الحكومية و القنوات الفضائية في موريتانيا ، ما هي إلا آكسسوارات لأكل المال العام ، فكيف تساهم في غير الفوضى الفساد !؟
على وزارة الداخلية أن تلغي كل هذه التراخيص و تقطع عنها مساعدات الدولة ، حتى لا تظل الوزارة نفسها صانعة للعبثية و الفساد و حامية لهما ..
لقد تحملت الدولة الصرف العبثي على هذه المشاريع غير المدروسة و غير القابلة للنهوض ، مدة عقود من الزمن من دون أي فائدة و لا نطلب منها اليوم أكثر من سحب اعترافها و قطع مساعداتها عن هذه الأورام السرطانية ، لإتاحة انطلاقة جديدة مؤسسة على قواعد علمية و تجارب إنسانية محترمة تعيد النخبة إلى دورها و السوقية إلى الأسواق ..
كل ما يحدث في البلد اليوم طارد للنخبة لصالح غوغاء هي من أصبحت تحتل واجهة المشهد الثقافي و الإعلامي و السياسي و المالي و الإداري ؛ فعلى من نُلغي باللائمة غير النظام !؟