تأملات مع الذات بعنوان : ما هي وضعية "معارضتنا الديمقراطية في المشهد السياسي الوطني الحالي؟"
من المعروف أن من أهم مظاهر الممارسة الديمقراطية الحقيقية هو وجود المعارضة الفاعلة، التي تملك القدرة على أن تبحث وتناقش السلطة الحاكمة، وتنافسها بصورة جادة وصحيحة نحو الوصول إلى الحكم، وبحيث تظل المعارضة في نشاطها تمثل مجالاً سياسياً ناظماً وضامناً يتوسط ما بين الدولة والمجتمع، ويكون لها القدرة على رقابة أداء الحكومة وتصحيح ممارساتها الخاطئة؛ ونقدها ومحاسبتها من خلال المؤسسات والقنوات الدستورية والقانونية..
ولاشك أن غياب المعارضة الحقيقية في أي مجتمع يعني انعدام مبدئ الشراكة السياسية والتعددية بين المواطنين، ويعني إنفراد النظام وسيطرته على المشهد السياسي وتقييد الحريات، وهذا الغياب يعني أيضاً تمدد وسائل الفساد، وتعدد برامجه، وتحول إمكانيات الدولة ومؤسساتها إلى أدوات تجذير الفردية والشمولية..
وفي ظل ما يعانيه البلد حالياً، من صرعات وأزمات متعددة الأشكال والأوجه - عبرت عن نفسها بصورة واضحة وجلية - من خلال تصاعد الاحتقانات السياسية وتوالي الأزمات، واستمرار التردي الإقتصادي والمعيشي، وبروز الاختلالات المجتمعية المختلفة، فإن المعارضة السياسية الموريتانية ممثلة بأحزابها وتركيبتهاالمختلفة، مدعوة اليوم لإجراء تقييم حقيقي لدورها السياسي والوطني العام، وتحديد جوانب وميادين النجاح، وما هي عوامل وأسباب الفشل، وتقديم كشف حساب موثق للمجتمع الذي ظل ولازال يعلق عليها آمالاً كبيرة، وذلك عما قامت به من نشاطات، وما حققته من إنجازات خلال السنوات الخمس الماضية، أي منذ الانتخابات الرئاسية (اغسطس ٢٠١٩) التي شاركت فيها هذه المعارضة بمرشحيها، وقدمت نفسها من خلال تلك المشاركة كحامل رئيسي للواء التغيير والإصلاح..
وفي هذا السياق أود أن أضع بين يدي قادة المعارضة ومسئوليها العديد من الأسئلة والاستفسارات، التي يمكن أن تكون محلاً للإجابات ومجالاً للنقاش المستفيض، وذلك بالنظر إلى طبيعة ما يطرح هنا وهناك على المستوى الجماهيري العام، أو على المستوى الحزبي الخاص.
- هل استطاعت أحزاب المعارضةالسياسية الوطنية أن تقدم نفسها للمجتمع كمعارضة عضوية تتعامل مع الأحداث السياسية دون الانفصال عن قيمتها وأهدافها المستقبلية، أم ظلت ذات وجهين، تختلف بحسب درجة المصالح والغايات، وما تحصل عليه من نفوذ، أي معارضة واقفة على حدود الرضا عن السلطة والرضا منها..؟
- هل استطاعت أحزاب المعارضة أن تكون صاحبة مبادرات عملية أم ظلت تتعامل مع القضايا من خلال الفعل ورد الفعل، وأن تكون صدى لما يريد الحاكم أن يفتعله ويثيره بهدف شغلها وإلهائها؟
- هل استطاعت المعارضة أن تفرض نفسها كشريك وطني فاعل وأداة تغيير حقيقية، أم تحولت إلى فريق احتجاجي وظاهرة صوتية، وفقدت دورها المتوسطي التكميلي بين السلطة الحاكمة والشعب بمختلف شرائحه وتكويناته؟
- ما الذي أنجزته المعارضة في ميدان الدفاع عن حقوق المجتمع، وما الذي أنجزته في ميدان استعادة وحماية حقوق أعضائها؟
- لماذا لم تستطع أحزاب المعارضة تحويل مشروع النضال السلمي إلى حركة جماهيرية ضاغطة لإجراء إصلاحات حقيقية: في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
قرأءة ممتعة، معطرة بنفحات نهاية اسبوع مباركة لكم جميعاً-إخوتي الكرام واخواتي الماجدات-متابعي وقراء صفحتنا الناشئة والمتواضعة على الفيسبوك.
الإمام ولد القوهي،
مفتش مالية عامة رئيسي،
مفتش عام للمالية في ديوان وزير الاقتصاد و المالية،
الإداري التنفيذي للجمهورية الاسلامية الموريتانية لدي الصندوق الافريقي للقرض و التعاون الاقتصادي- بعضوية ١٤ دولة - من ضمنها الجمهورية الاسلامية الموريتانية- FAGACE.
رئيس سابق لمجلس إدارة صندوق FAGACE.
انواكشوط بتاريخ، الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٥،
الساعة السادسة و ١٤ دقيقة بتوقيت اقرينتش.