أما آن لهذه البلطجة أن تتوقف ؟ / سيدي علي بلعمش

30. يوليو 2023 - 8:23

قضية الهجرة في موريتانيا أخطر بكثير من كل ما يمكن أن نتخيله و المسكوت عنه فيها أكثر بكثير من المعلن .

هي من طرف ، يمكن أن نطلق عليها "وعد بلفورد الثاني" و من آخر ، يمكن أن نطلق عليها أكبر خيانة وطنية عبر تاريخ البشرية ..

استعداد الموظف الموريتاني لمنح أوراق البلد الرسمية لمن هب و دب ، بأرخص مقابل ، أمر عجيب !

- في ملف كبير أعدته مجلة الوطن العربي الكويتية ، عن موريتانيا سنة 1968، قال مراسلها بالحرف : "ستكون لدينا فلسطين أخرى في غرب إفريقيا ، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة ، فالحصول على الجنسية لا يتطلب أكثر من أوقية واحدة ، هي ثمن العبارة و تصبح موريتانيا" .

- بعد انتهاء مهمته ، عاد أول سفير لموريتانيا في باريس إلى وطنه (السنغال) و تم تعيينه وزيرا ، كأن موريتانيا مجرد ولاية سينغالية !؟

- سافر ذات مرة أحد وزرائنا في مهمة رسمية إلى السنغال و استقبله أخوه في المطار وزيرا لنفس القطاع في بلدهما السنغال !؟

- في آخر مقابلة له ، قبل وفاته بقليل قال ولد يحيى انجاي ، الذي كان نائبا عن موريتانيا في البرلمان الفرنسي ، بعد تزوير الانتخابات (بينه و بين الزعيم أحمدو ولد حرمه و الذي اصطفت معه فيه جل مشاييخ البلد الدينية و القبلية و الأميرية ضد ابن البلاد البار و زعيمها التاريخي الأسطورة) ، إنه لم
يأخذ قط أي أوراق وطنية موريتانية و لم يحتج لها قط في أي شيء !؟

- ضباط سامون في الجيش ، مفوضو شرطة ، شخصيات سياسية ، وزراء ، سفراء ، بالعشرات بل المئات ؛ كلهم تبوؤوا أكبر المناصب في البلد من دون أن يكونوا منه . و إذا تعقبت أيا منهم اليوم لا بد أن تجده أو تجد أبناءه أو أحفاده على رأس المطالبين بتغيير دستور موريتانيا و تغيير اللغة الوطنية و تدريس اللهجات الزنجية و إعادة التأسيس ..

✔️ لأن ولد داداه طرد كل معارضة البلد آنذاك و شيطنها (أحمدو ولد حرمه ، ولد عمير ، بوياغي ….) ، في وقت كانت البلاد تحتاجهم لبناء إدارتها ، كان على ولد داداه و أسياده الفرنسيين أن يأتوا بإدارة سينغالية هي من تولت احتقار أبناء البلد و توزيع وثائقه الرسمية على أمثالهم من السنغاليين و بقية الجاليات الإفريقية و أشاعت ثقافة الرشوة و البقشيش .

- المرحوم أعلي ولد محمد فال ( 21 سنة مديرا لأمن الدولة و رئيسا لها مدة سنتين) ، في لقاء مع بعضهم ، حين حاولوا تصعيد النبرة عليه ، قال لهم لست مثل الآخرين : أنا أعرف الجميع : لدي لوائح كل الأسر الزنجية التي كانت تدفع "البتانه" للفرنسيين و كل من سواهم تجنسوا بعد الاستقلال بطرق غير شرعية ..

- "إعلان الزنجي المضطهد" كان إعلان حرب على الشعب الموريتاني . و انقلاب الزنوج الذي تم على خلفيته ، كان جريمة عنصرية مكتملة الأركان ، لا أحد يفهم لماذا ما زالت السلطات الموريتانية تتعاطى مع مخلفاتها بهذا الضعف دون غيرها من الانقلابات التي لاقى أصحابها معاملة مماثلة ، رغم أن انقلاباتهم لم تكن عنصرية و لا شرائحية و كانت كلها بسبب اختلافات موضوعية داخل المؤسسة العسكرية !؟

ثمة قضايا ، لا بد للنظام الموريتاني أن يبت فيها اليوم و ينهي أي جدل فيها :
- اللغة الرسمية لموريتانيا هي اللغة العربية و لا إكراه في تعليمها و لا الاعتزاز بها ، لكن لا توظيف لمن لا يتكلمها و يؤمن بشرعية رسميتها ..
و يمكن بل يجب أن تمهل السلطات من لا يتكلمونها بضعة سنين لتعلمها ، ينتهي بعدها إلى الأبد أي حديث في هذا الموضوع .
- الحديث عن رسمية لغة المستعمر ، إساءة إلى دماء أبناء هذا الوطن الذين قاوموه بصدور عارية . و تشكيك البعض في صدق المقاومة و بطولاتها الأسطورية ، ليس سوى عقوق ، يتحدث تاريخ كل الأمم عن أمثالهم من العملاء و أبنائهم و الحاقدين من أطراف المجتمع ، المشككين في كل أمجاده..
- ليس في موريتانيا عرب و لا زنوج و إنما فيها مواطنون : من أخلص لمواطنته فقد بر موريتانيا و من صبغها بلون أو ربطها بعرق فقد ظلم نفسه و يجب معاقبته..

✅ على النظام اليوم أن ينهي هذا الجدل البيزنطي القائم منذ تأسيس الدولة ..
✅ على النظام أن يلزم الجميع باحترام الدستور و مواجهة كل من يحاول الخروج عليه بأقسى عقوبة ..

لماذا تفرض علينا حفنة من الأشخاص تتكلم باسم شرائح لا تمثلها و لا تنتمي أصلا إلى من يخصنا منها ، أن نظل في طاحونة صراع لا يخصنا في شيء :
- دول أغلبيتها الولوف لا تطالب بتدريس الولفية
- دول أغلبيتها البولار لا تطالب بتدريس البولار
- دول أغلبيتها السونينكي لا تطالب بتدريس السونينكية
فلماذا يفرض علينا نحن تيام صامبا و صار إبراهيما السنيغاليان ، تدريس هذه اللهجات !؟
أكثر من نصف الشعبين المجاورين (السنغالي و المالي) عبيد ، لا يدفنون في مقابر النبلاء و لا يجلسون على فراشهم و لا يتزوجون من نسائهم ، فكيف تكون موريتانيا الخالية من كل هذه الممارسات هي المتهمة بممارسة العبودية في المنطقة ؟

هل نحن بهذا القصور في أمور يعرفها العالم أجمع أو هو الإهمال و الاستهتار الذي جعلنا حتى اليوم لم نفتح قضية و لم نطالب بتحقيق و لم نسأل عن عدد ضحايانا في الأحدات مع السنغال ، التي كانت بسبب شجار بين مزارع و منمي سنغاليين (ظن البعض أن الأخير كان موريتانيا قبل أن تتضح حقيقته)..

على النظام الموريتاني أن ينهي بقوانين واضحة و تعليمات صارمة و رادعة ، كل هذه الفوضى ..

على السلطات الموريتانية أن تضع نظام إحصاء مبني على الشجرة العائلية للتفريق بين المواطن و المتجنس و تضع مسطرة واضحة (بأثر رجعي) للحصول على الجنسية و لسحبها ، بنصوص لا تستثني الحاصل عليها من قبل ..

على النظام الموريتاني أن يدرك مخاطر الهجرة غير الشرعية و خطورة موقعنا الجغرافي و براعة الأوروبيين في حبك الجرائم و عداءهم التاريخي للعرب و المسلمين .. أن يعيد كل الاتفاقيات حول الهجرة مع الأوروبيين أو يلغيها كلها لأنها كلها على حساب أمننا و مصالحنا و وجودنا ..

المور خليط بشري عاش في هذا الفضاء الجغرافي ، من العرب و البربر و الزنج . و من لا ينتمي إلى المور لا ينتمي إلى دولتهم (موريتانيا) ..

و ما لم تذُب هذه التسميات الجزئية في فضائها العام ليصبح ساكن هذه الأرض موريتاني فقط كما كان من قبل ، سيظل هذا القاموس المختلق هو مصدر كل مشاكلنا ..

على النظام أن يُخرج البلد من هذه الدوامة الملفقة بقرارات شجاعة توقف كل جهة عند حدها من دون ظلم أو حيف ولكن من دون أي تسامح مع العابثين و المتلاعبين بمصلحة و سمعة البلد …

تابعونا