لم يكن المكتب الوطني للسياحة قبل سنتين من الآن سوى اسما يستدل بنكرته عليه، بعد وقوفه على مشارف الإفلاس، وتراكم ديون الموردين والمتعاملين ووكالات تأجير السيارات عليه، بحيث أصبح عنوانا بارزا يكتب بخط عريض على صفحة الفشل الإداري وسوء التسيير الذي يطبع جل المؤسسات الخدمية في بلادنا..!
رغم كل أسباب النجاح التي كان يتوفر عليها، ومساعدة الظرف الدولي والوطني في جعله مؤسسة رائدة ومميزة..! ليظل السؤال عالقا ينتظر جوابا، ما الذي أعاق هذا المرفق طيلة كل تلك السنين التي كان يفترض أن تكون فترة ازدهار ونشاط على المكتب، وعلى السياحة عموما؟ وما الذي استجد حتى بدأ المكتب يسترجع عافيته وبعض ألقه بعد أن كسب معركة استراجع ثقة الشركاء محليا وخارجيا.
لقد جاء تكليف المدير الحالي بمهمة تسيير هذا المرفق الحيوي بمثابة البلسم الشافي، وجرعة الأمل التي كانت إكسير حياة السياحة عموما والمركز خصوصا..
إنه امتزاج الشغف، والمسؤولية...وعقلنة الطموح والجهد، وترشيد الموارد، ووضوح الرؤية وحسن التخطيط والتدبير..وسعة الاطلاع بالمجال وطول الممارسسة وعمق التجربة.. كلها شكلت أدوات العمل ومفاتيح النجاح التي غيرت من واقع هذا المرفق، واحدثت نقلة نوعية في مساره، وأسست لتجربة مهمة تسترعي الانتباه..
قبل سنتين من الآن كان المكتب يعتمد في أداء مهامه العملية وتسيير بعثاته الإدارية على خدمات وكالات تأجير السيارات التي ضاقت ذرعا من سوء معاملته وتبرمت من تراكم الديون عليه..! واقع مختلف في ظرف مختلف، الآن ورغم صعوبة الظرف الدولي والوطني تمكن المكتب الوطني من شراء عدد من السيارات يكفي لتنفيذ كل المهمات ويستوفي كل متطلبات العمل..
الآن ومع صعوبة الظرف وحدة الأزمة التي يعرفها العالم عموما وقطاع السياحة خصوصا استطاع المكتب بجهد استثنائي من امتلاك مقر دائم مصمم على طراز يتناسب وطبيعة عمله، بعد أن كانت ديون الإيجار تلاحقه وتنغص سكينته..
الآن و مع اختناق العالم بأزمات متلاحقة استطاع المكتب إقامة صالونات في عديد من البلدان وسير الكثير من الرحلات السياحية التي ساهمت في انتعاش الاقتصاد الوطني وجنبت سكان المدن القديمة والأثرية كوارث عديدة ما كانت للتجاوزها لولى الجهد الكبير الذي بذلته إدارة المكتب لجلب السياح وتوفير العمالة والعمولة معا..
الآن وفي ظرف لا يتجاز سنتين شلتهما الأزمات استطاع المكتب التحسين من الظروف العامة لعماله على المستوين المادي والتكويني، مع توسيع دائرة نشاطه وحضوره عبر مندوبيات جهوية ستشمل كل عواصم الولاية، بعضها أصبح جاهزا ومجهزا لأداء مهامه.
صحيح أن الموارد ضعيفة ومزانية المكتب محدودة، لكن طموح إدارته كبير وإرادتها قوية ومسافة الفشل تتقلص كل يوم أمام اتساع مساحة المنجز..
باختصار لقد تم انجاز كل شيء من لاشيء.