من المفروض أن تحرص الدولة على مصالحها العامة والوطنية سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو عسكرية، وتعزز ذلك في سياساتها الداخلية والخارجية، التي من ضمنها حماية حدودها وبناها التحتية، ومنع التهديدات التي تمس أمنها واستقرارها والمحافظة على سلامة مواطنيها وتقديم الرفاه الاقتصادي لهم، وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وإحراز المكانة المرموقة في الساحة الدولية إلى غير ذلك من المصالح والأهداف ذات النفع الشمولي التي تشمل كل الطموحات والتطلعات التي تسعى الدول إلى تحقيقها عادة لمواطنيها.. ومن أبجديات قيم المواطنة المحافظة على هذه المصالح الوطنية العليا وتغليبها، واسترخاص المصالح الأدنى كالمصالح الشخصية والفئوية والحزبية والجهوية، فواجب كل فرد أو فئة أو جهة أن تجتمع على حفظ المصالح العامة، حيث أنه بحفظ المصالح العامة تتحقق مصالح للجميع، وبإضاعتها تضيع مصلحة الجميع .
وقد تحدث الفقهاء عن ذلك قديما في فقه المصالح حين قرروا قواعد مهمة منها القاعدة الشهيرة : أن المصالح الكبرى مقدمة على المصالح الصغرى ولذلك قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله أن: "اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة"
ومما يعد من أسباب الخلل التي قد تطرأ أحيانا على الدولة اثناء تسييرها للشأن العام، تفريطها في المصالح العليا والإخلال بها لفائدة المصالح الشخصية للأفراد و لبعض المنتفعين لسبب مصالح قبلية أو حزبية أو جهوية أو شرائحية الخ.. ، مما يجعل المصالح الخاصة فوق المصالح الجمعية، وضرب بقيم المواطنة عرض الحائط. إن الحل بالنسبة لما نتخبط فيه من تقديم خطوة إلى الأمام وخطوتين للخلف.. يكمن في تغليب المصالح العامة والوطنية وجعلها واجب وطني وجزء لا يتجزأ من كيان وفكر الدولة وعلى رأس أولوياتها وترك ما دون ذلك من نظرية البقرة الحلوب شاة بفيفاء لك ولأخيك وللذئب.