وتمر بي أحيانا أيها الشهم.....(مقال)

28. يوليو 2021 - 9:39

وتمر بي أحيانا أيها الشهم

Gorko deenunoodo pitaali to bange koddigal yehi. Kooninke toowdo mbo naandaani e hediibe wirniima!

وداعا "أومار"
أفضل أن أناديك هكذا لأن الكثيرين من أبناء وطني ينطقون اسمك هكذا ولأنهم أكثر معرفة بك وتقديرا لك منا معشر الناطقين اسمَك بالعين، فالمظلوم لاينسى من أعانه والسجين لاينسى سجانه الطيب.
يكفيك فخرا وأنت الآن بين يدي عفو غفور أن الجميع يتحدثون عنك كضابط شريف في بلد لأغلب الضباط فيه مفهوم آخر للشرف غير الذي نعرف.يفهمونه على أنه تكديس المال الحرام لسيادة القبيلة ورفع شأنها بين القبائل..يفهمونه على أنه التجسس والكيد،فللص مفهوم آخر للشرف.
لست من ولايتي ولاجهتي، لكنك أقرب الى قلبي من جل من اشترك معهم في الجهة والقبيلة والولاية وغيرها من الصِلات الجِبلّية المفروضة،ببساطة لأنك خرجت على النمط والمألوف وهو التخندق العرقي المقيت،لستٌ من زكاكَ ،ولايمكنني ذلك، لكن أحاديثهم عنك أيام الظلام وليالي الحزن هي النياشين الخالدة والتزكية الصادقة، حين استيقظ مواطنون منا ذات يوم على هوانهم وذلهم ووهنهم وضعفهم أمام مؤامرة دنيئة سعى أصحابها بكل الوسائل لتمزيقنا وتفتيتنا ونشر البغضاء بيننا ليظلوا هم، وقد أفلحوا للأسف في اختراق قلوب الكثيرين.
حين كان "مرتضو" رحمه الله يعانقنا في المنفى كفتية من "التشاباتو" كان يقول: إنها رائحة البيظان الشرفاء رائحة عمر واليسع وحبيب والقائمة تطول،كنا سعداء لأنك وأمثالك تركتم لنا جسر عبور و التقاء كموريتانيين،هل تعتقد أخي بأن أبناء الضفة عرفوا رجلا بشرفك ونبلك وشفقتك وتألمك لأنات أبنائهم؟
لا أعتقد، فمثلك في الجيوش شخص استثنائي يولد كل قرن،أقصد الضابط الذي يرفض التعذيب ويسحب السلاسل ويفتح النوافذ الموصدة منذ عام والتي طٌيّنت امعانا في ايذاء السجين، الملازم الذي يوقظ سجين قلعة ولاتة ليلا على قطرة ماء بعد عطش يوم، وطعام بعد مسغبة وتجويع،مثلك يحس السجينُ قلبه ينبض فرحا لأنه أعان ضعيفا وأعاده الى الحياة ولو مؤقتا، نبض قلبك ذاع وشاع وتناقله أبناء الضفة وكتب عنه السجناء في بكائياتهم والموتى في وصاياهم، لذا فليس غريبا أن يطالب الروائي خاليدو بمنح اسمك لمدينة أو شارع.
لو قرأتم كتاباتهم عنه لاقشعرت أبدانكم ولعرفتم بأن هذه الأرض تلد الرجال أحيانا.
عزيزي
حين أتأمل صورتك الآن أرى في ابتسامتك حنانا وفي عينيك التزاما وفي وقفتك جنديا أمينا منتصب القامة متأهبا لخدمة بلده لكن بتمحيص وعدم تجاوز ، فالتعذيب ليس من شيم النبلاء، وأنت النبيل بمفهومها لدي، وليس بمفهومها لدى الاقطاعيين القذرين.
صورتك التي أتفحصها الآن لايمكن أن تكون لآدمي بسيط، فهي تمثال صنع بعناية وبقي كل مقطع في وجهه يحمل دلالته الخاصة.
أنا أنظرك بعيني مواطنين لايشتركون معك في العرق لكنهم عرفوا عبرك الوطن والمواطنة وامكانية التلاقي وتبادل الحب في الوطن والوطن لوحده..أطفال الراحلين ومن أنقذتهم ينظرون اليك كبطل تحرير وفاتح عظيم يتحرك بخطى ابن الوليد وينبض قلبه بروح الأم تيريزا.
"خيرات" تحبك لأنك شقيقها،وآخرون يحبونك لأنك ابن القبيلة، فيما البعض يحبك لأنك ابن "لعصابة" وأمجاد العشائر..لكنّ هؤلاء وآخرين يحبونك لأنك رفضت التعذيب وأعنت السجناء وخرجت على الجماهير لتعلن العار والجريمة بتفاصيلها،ولتتبرأ من أوزار السيئين..لابد أن يحبك من سمع بأنك من بين العِصابة قلت: لا، فأنقذت من أنقذت ومنحت العطف لرجال وأبناء أمهات وآباء مكبلين مقيدين، ومكممين حتى لايفصحوا، وحتى لايثبت أي واحد منهم براءته من التهم الملفقة.
لابد أن يحبك من وصلته في وصية والده هذه العبارة:"عمر كان ضابطا شريفا وعطوفا ولايظلم ولم يحضر الظلم وأعلن رفضه للتراجيديا التي عشناها"..لابد أن تحبك الأرملة ولابد أن يحبك العادلون في كل بقاع العالم ثم لابد أن الله يحبك لأنك مسلم عادل ويحبك المظلومون.
"أومار" كنت حالة استثنائية لكنك بنهجك علمت ضباطنا وجنودنا بأن التعذيب جريمة وبأن طاعة الرئيس المخلوق لاتكون في معصية الخالق.
سنابل الضفة انحنت، وستذرف الدموع مدرارةًَ تلك البقرات، وسيُوزع "كوسوم" في سرادق عزاء أقيم في كل الأعرشة والخيم..فليس أشرف في هذه الأرض البائسة من رجل يمكن لأبنائه أن يقولوا غدا:أبي بكاه الزنوج والبيظان والحراطين ولمعلمين وايكاون والرعاة..أبي باختصار بكته موريتانيا.
تعلمت منك في لقائنا الوحيد بأن أصبر،ويبدو أنني صبرت على بلادي حتى رأيتها تنجب أمثالك ومرتضو وبدر وحبيب وغيرهم.
الآن أقولها أحببتك يارجل أهل الشرك الذي بكاه الجنوب والشمال.
نعم أحبك.
وسأصبر دائما وأحتسب كما علمتني.
مرحبا بك في قلبي الى الأبد.
وانا لله وانا اليه راجعون.
Moritani ko leydi men menen fof