بادرت موريتانيا بإرسال مساعدات طبية و غذائية لدولة تونس الشقيقة، لدعم جهودها في التصدي لأزمة تفشي فيروس كورونا ،بعد ما وصلت الحالة الصحية الاستثنائية إلي وضعية كارثية و معقدة ، أدت إلي إنهيار المنظومة الصحية بشكل خطير. هذه الوثبة التضامنية المتمثلة في حمولة طائرتين من المواد الغذائية من الأسماك عالية الجودة و أجهزة التنفس و أسرة الإنعاش و الكمامات الطبية بالإضافة لفريق طبي يضم أطباء و ممرضين لتعزيز الطواقم الطبية التونسية.
موريتانيا و تونس تربطهما علاقات وطيدة ضاربة في أعماق التاريخ و متجذرة عبر آليات متعددة ، ظلت تشكل حصن منيع للتساكن السياسي و التلاقح الفكري ، الجامع للمصير المشترك ،عبر كافة حقب تطور الدولتين، و تجسدت عبر مجالات متنوعة ،شاهدة على متانة أواصر الأخوة و الصداقة المتينة القائمة بين الشعبين .
الدعم الموريتاني اليوم لجمهورية تونس، يحمل قيمة رمزية و معنوية لها دلالات عميقة في السياق السياسي و الدبلوماسي الذي تضطلع به موريتانيا إزاء الأشقاء العرب و الأفارقة على حد سواء، خاصة في وقت المحن و الأزمات المستعصية. الشيء الذي يعطي للحدث نكهة جمالية ، بإعتبار الظرف الزماني و المكاني للمساعدة الموريتانية، لما تحمله من تبصر النظرة و شمولية الحدث ، وما يعبر عنه من إنسجام تكاملي في تحقيق مقاصد العمل العربي المشترك ، و الذي ظل الحلقة الغائبة في الحقل الدبلوماسي الموريتاني طيلة العقود المنصرمة .
لقد سجلت موريتانيا حضورا معتبرا على المستوى القاري و على مستوى التكتلات المهمة دوليا و إقليميا ، مما جعلها مبادرة في تنشيط آليات التعاون عبر الوحدات المشاركة في عمليات حفظ السلم و الأمن العالمي، و هو حضور و زخم تطلب مؤهلات و قدرات دبلوماسية انبثقت من توسعة و تطوير الرؤية الثاقبة للمجال الدبلوماسي الجديد، المستنبط من برنامج تعهداتي الذي أسس لنظرية قوامها بناء دبلوماسية ديناميكية و فعالة ، قائمة على الأخوة و الصداقة و مبدأ حسن الجوار و تهدف إلي الحفاظ على السلم و الأمن ، لتحقيق المقاصد الأمنية و التنموية.
موريتانيا اليوم ،بلاد شنقيط أرض المنارة و الرباط ، متصالحة مع محيطها العربي و الإفريقي و دعامة أساسية للتعاون المثمر و البناء بين الشمال و الجنوب ، بل هي قبلة للأشقاء الأفارقة و أمل و طموح الشعوب العربية في تكريس تطلعات الإندماج و التكامل العربي، الذي ظل الهدف المنشود لكافة القوى الحية ،قبل ان يصبح من مرتكزات الوعي الملموس للقيادة الرشيدة للرئيس محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني ، بحكم تجربته و حكمته في التعاطي مع القضايا الوطنية و الدولية ، سبيلا و نهجا في مصالح البلاد و العباد.