في موريتانيا تعود الناس على عدم الوسطية في المواقف ، فإما أن تكون مواليا مطبلا موغلا في التثمين و الإطراء و ترى كل الأمور بالأبيض الصرف ، أو تكون معارضا ناقما تصب اللعنات و ترى كل الأشياء بالأسود الصرف .
إما أن تفرط في تحويل كل شيء إلى إنجاز ، أو ترى أن البلد في أزمة أمنية و تتحدث عن ارتفاع الأسعار، و تكتب عن أزمة خانقة في الصحة و التعليم و الاستيراد و التصدير و الصيد و المعادن ، دون موضوعية أو إستماع إلى مبررات، و سيصدقك الكثيرون إن أمعنت في الانتقاد ..
مع اقتراب ملف الفساد من وكيل الجمهورية، و اقتراب موعد المحاسبة ، انطلقت أحداث كثيرة أغلبها مختلق من أجل جعل البلد في حال أزمة أمنية و احتقان اجتماعي ، بعد أن استطاع رئيس الجمهورية تهدئة الأوضاع مع الأحزاب السياسية و الحركات الحقوقية ..
الطلاب و المنقبون و مقدمو الخدمة و تفيريت التسريبات ، وغيرها، كلها أمور بنيت على معطيات واقعية ، لكن تم الغلو فيها عمدا ، ثم محاولة جعلها أزمة ، سواء تصرفت الدولة بما يمليه القانون و ضرورة استتباب الأوضاع أو تغاضت عن ذلك ..
و من أجل استغلال هذه الأزمات المختلقة تم إنشاء غرفة عمليات تشتغل على المؤثرات الصوتية و البصرية و تأخذ الفيديوهات و الصور من أحداث مبرمجة ، و تنشرها على نطاق واسع ، و بعد كل أزمة تبدأ أقلام مشحونة، لزوما و تعدية ، بالترويج و الشحن ضد السلطة ، بل إنها قد تتحدث عن ضرورة أو قرب انقلاب على السلطة، ومحاولة المقارنة مع فترة ما قبل الانقلاب على الرئيس المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله، رغم البون الشاسع شكلا و مضمونا ، و كأنها تريد أن تدفعنا إلى تصديق قرب تغيير النظام ..
لا أحد يرى بعيون ما قبل الانقلاب على السلطة في عهد سيدي ولد الشيخ ، و لا السلطة تكترث، في نظري، لهذه الارهاصات التي لا تعدوا أن تكون رقصة الديك المذبوح التي تنتاب النظام السابق و أدواته ، قبل أن يسلم الروح و يصبح جثة هامة ..
مهما جندت القوى التي تسعى لفرملة السير الحثيث في تغيير الواقع و تجديد أدوات التعامل مع الأحداث و البرامج، و مهما حاول بعض من دفعت بهم العشرية إلى الواجهة بالظهور كموازين قوى ، فلن يتغير الخط المتتظم الذي يتبع برامج مدروسة و رؤية واضحة للسلطة..
الرئيس ولد الغزواني يعرف الموريتانيين كراحة يده ،و لن يتغير استيراتيجية و لن تتوقف خطواته ، و لا يخشى عليه من مؤسسة عسكرية أسسها بيده، و لا من أدوات نظام يستطيع أن يأخذ بأيديهم كيف ما يشاء ..
تحولات كبيرة قادمة ستقضي على كلما روج له المتمسكون بالنهج السابق ، من ضعف و عدم وضوح رؤية ، وسيصبحهم تغير شامل يقضي كل الآمال المعلقة على الشائعات و اختلاق الأزمات، و سيرى الموريتانيون بأم أعينهم قوة الدولة و صرامة العدالة و محاسبة المفسدين
موريتاتيا..عهد المحاكمات لا عهد الانقلابات / إسلمو أحمد سالم