أستطيع أن أعرف أن العيد يطرق الأبواب دون أن أعد الأيام والأشهر، هناك مزاج عام “مود العيد” يدخل مع اقتراب العيد ولاينتهي إلا بعده.
صاحب الحانوت وسائق سيارة الأجرة ورجل الأمن في الشارع، كلهم دخلو في مزاج العيد الطبيب والصيدلاني والمعلم والعاطل حتى صغار المجرمين يؤثر عليهم هذا المزاج الغريب الذي يعد خليطا هجينا من مشاعر شتى تجمع الحب والرجاء بالبغض والكره حد التوحش!!!
ومن أبرز مميزات هذا المزاج أنه أشبه بشيطان يركب صاحبه فيجعله سريع الغضب مستعدا للشجار لأتفه الأسباب وهناك عبارات إذا ذكرت أمامه يصبح عدوانيا لأبعد الحدود، كلمات مثل(الفظه الكبش اللباس إلى آخر المعجم المعروف)
الصغار ينتظرون العيد بفارغ الصبر والكبار يحدوهم الأمل بانقضائه دون منغصات، ينتظر الأطفال الملابس والهدايا وخروف العيد ويعتقدون بسذاجة الصغار أنها أشياء مجانية تهبط من السماء مع كل عيد ولاتكلف مالا ولاجهدا أوتعبا.
بالنسبة للكبار أو لأغلبهم على الأقل فالعيد مناسبة لحسابات لاتنتهي أو تنتهي أحيانا بالخسارة لأنه ببساطة وبالنسبة لمتوسطي الدخل فإن أعباء العيد لم تعد تطاق، ولكي نكون منصفين فهذه الأعباء أضفى عليها المجتمع باتكاليته المعهودة بهارات حارة ، حيث يجهد رب الأسرة في تأمين حاجيات العيد ليس فقط لأسرته إنما أيضا لأهله وأصهاره ومعارفه ومن ولاهم، وقد يجد موظف مسكين راتبه لايكاد يصل مائة ألف أوقية أن عليه تدبير نصف مليون خلال أسبوع واحد ليفي بحاجيات جيش العاطلين من خلفه.
غالبا مايلجأ صاحبنا للقروض فيضع رقبته على مقصلة الديون المتراكمة التي قد تزيد من مشاكله لكنه لايكترث لأن صاحب الحاجة أعمى.
وفِي الحقيقة مايثير الاستغراب أكثر هو هذه الشراهة العمياء للاستهلاك أيام العيد حتى لدى محدودي الدخل الذين بالكاد يجدون مايسد حاجياتهم لكنهم فجأة يصبحون أكثر نزوعا للاستهلاك دون العودة لحسابات المنطق
وفِي الغالب تكون النساء هُن من يدفع بهذا الاتجاه.
بقي أن أشير أيضا أن العيد عندنا أصبح مناسبة لتفاقم المشاكل الاجتماعية والعائلية وموسما سنويا للطلاق والخصام بين الأزواج حيث تبح حاجيات العيد وقودا فعالا لإذكاء المشاكل داخل البيوت التي ينسى أصحابها أحيانا أن العيد مناسبة للفرح والتراحم والصدقة والمودة وليس بأي حال مناسبة لتحميل الأزواج مالايطيقون.