صحيفة afriactuel: "كومباوري وولد الشافعي" في قفص الاتهام...
بعد أن كانت مستثناة من العمليات الإرهابية طيلة سبعة وعشرين عاما 27 من حكم أبليز كمباوري بيد من حديد قبل طرده منه بانتفاضة شعبية نهاية 2014 ، عرفت بوركينا أفاسو بدايات التهديدات الأمنية مع مطلع المرحلة الانتقالية الديمقراطية، حيث شهدت أول هجوم إرهابي في عمق عاصمتها السياسية واغادوغو بعد يومين فقط من تنصيب أول حكومة لاحقة للمرحلة الاتنقالية خلال شهر يناير 2016 ، وقبل ذلك بأشهر بدأت الحدود الشمالية للبلاد تثير خشية السلطات الجديدة.
وهكذا أصبحت بوركينا أفاسو التي تحدها كل من مالي والنيجر هدفا جديدا للهجمات الإرهابية بشكل منتظم منذ 2015 إذ تم الهجوم عدة مرات على العديد المؤسسات الفندقية والمطاعم من قبل كوماندوزات مرتبطة بتنظيم القاعدة الذي يفرخ منذ عدة سنوات في الشمال المالي، كما أن مقيمين غربيين تم اختطافهما هناك عام 2015 لا يزالان رهن الاحتجاز لدى الجماعات الإسلامية المرتبطة بالقاعدة.
ففي حين كانت بوركينا أفاسو تحت نظام أبليز كامبوري مستثناة من الإرهاب الإسلامي، كانت فوق كل ذلك مستفيدة من سمعة طيبة لدى زعماء الإرهاب في الصحراء المالية. إذ كان المصحفى الشافعي المستشار المقرب من الرئيس البوركينابي السابق يتمتع بعلاقات مضمونة مع عدد من إرهابيي الساحل، إن هذا الرجل الذي يبدو أنه كان يتقن الوشوشة في آذان قادة الإرهابيين في الساحل، كان غالبا خلف إطلاق سراح الرهائن، إضافة إلى كونه شكل جسرا للسلام بين بوركينا أفاسو في عهد أبليز كامباوري وأمراء القاعدة في الشمال المالي.
لكن يبدو أن هذه الصدمة تحمل في طياتها أبعادا أخرى لا صلة لها بالإنسانية، فكلما كانت هناك عملية تحرير رهائن عبر المراوغات والمفاوضات السرية، لم يكن ذلك يعني فقط أن احد أمراء القاعدة امتلأت جيوبه بالأورو لكن ذلك يعني أيضا أن جيوب المفاوض الرئيس أمتلأت هي الأخرى. كما يعني بالمحصلة أن بوركينا (كامباوري) كانت تحصل على الفوائد السياسية والإعلامية لتلك العمليات فضلا عن ضمان السلام، ومن خلال ذلك ضمان كونها وجهة مفضلة للدبلوماسية متعددة الأطراف ملائمة للشراكة.
ـــــ لماذا أصبحت بوركينا أفاسو الآن عرضة لانعدام الأمن....؟
إنه السؤال الذي يربك الجميع على مستوى الرأي العام البوركينابي وكذا الخبراء المهتمين بالقضايا الأمنية في الساحل. ففي ظل حكم أبليز كومباوري كانت حالة انعدام الأمن سائدة بقوة خاصة في مالي والنيجر بشكل أقل، وكانت بوركينا (كومباوري) واحة السلام في الساحل ولم تكن تتمتع بالأمن فقط، بل كانت تحصل على نقاط وعملات بالأورو كلما كانت هناك عمليات اختطاف لغربيين لدى الجيران. لقد كان مصطفى الشافعي المستشار الخاص جدا لأبليز كومباوري حاضرا يفرك يديه ولعابه على شفتيه لأداء دور المفاوض الذي يمنحه خلع ألقاب متعددة على نفسه من قبيل : "مفاوض السلام" فضلا عن تحصيل عمولات تدفع له مقابل "وساطاته الخطيرة وذات البعد الإنساني الرفيع".
لقد كشفت مؤخرا عملية تحرير رهينة سويدي كان محتجزا منذ بعض الوقت في الصحراء المالية أن تحريره تم مقابل فدية دفعتها السلطات القطرية وبلغت عشرة ملايين وخمسمائة ألف أورو، مليونان منها تم دفعهما لولد الشافعي ، بينما تم دفع ثمانية ملايين وخمسمائة أورو ( 8500000) المتبقية للمختطفين، وهو ما يتجاوز قليلا وبكل غرابة تعهدات الجمهورية الفرنسية لدول الساحل الخمس، فعندما نعلم إلى أين تذهب الأموال سنفهم سنفهم حينها كنه حالة الفوضى التي يعرفها الساحل..!
إن العملية الإرهابية التي ضربت واغادوغو، الأيبوع الماضي، تعيد إلى الأذهان مرة أخرى وبطريقة ملحة العذاب الذي يعيشه البوركينابيون جراء الحالة الأمنية.
لكن السؤال المؤلم يبقى لماذا اليوم وليس بالأمس..؟ لماذا تم استثناء بلدنا في ظل دكتاتورية بينما نصبح اليوم هدفا في ظل أول نظام ديمقراطي حقيقي..؟
إن الشكوك تتجه بكل موضوعية نحو الدكتاتور الأسبق الموجود في منفاه الذهبي بالكوتديفوار المجاور، كما تجد هذه الشكوك امتداداتها في المغرب حيث يقيم المستشار الشريك الأبدي لكامباوري، الموريتاني مصحفى الشافعي المعروف بعلاقاته المركانتيلية والمافيوية مع زعماء الرعب في الشمال المالي.
إن ولد الشافعي المقرب من حركة التوحيد والجهاد في فريقيا الغربية المعروفة اختصارا بـ " Mujao " والذي ربما يكون أحد من أنجبوها أصلا، تربطه علاقات متصلة بهذه الجماعة الإرهابية الأقل "إسلامية" من بقية أفرع تنظيم القاعدة في الساحل.
إن أكثر الخبراء المطلعين على الرأي العام البوركينابي أصبحت عيونهم منذ الأسبوع الماضي تتجه بنظرة مفعمة بالشكوك نحو المدبرين المحتملين لتلك الأحداث المؤلمة، وبالتحديد نحو المستفيدين من حالة الفوضى الأمنية التي تعرفها البلاد، خاصة الديكتاتور السابق أبليز كومباوري، ونحو المغرب حيث يقيم رجل المهمات القذرة الموريتاني ولد الشافعي، الذي يعرف جيدا كيف يوشوش في آذان كومبرساته بتنظيم القاعدة، كما تصفه بعض أجهزة الإعلامية الغربية.
بقلم/ عثمان آغ محمد