بعد جولة مسائية في سوق المقاطعة مر خيرن بمحاذاة الجامع العتيق في مقاطعة جگني العتيقة، أثناء أداء جماعة المسجد لصلاة المغرب، يؤمهم فيها الفقيه الإمام "اسلم ولد اسليمان"..
يبدو " خيرن" هادئا.. و هادئا جدا للوهلة الأولى من خلال ملامح السكينة و الوقار، ما لم يهيجه الأطفال، أو أحداثا عابرة تخرجه من طور الهدوء إلى نوبة غضب لا يحمد الكثيرون عقباها..
العالم الفقيه "اسلم" أحد فضلاء و فقهاء المقاطعة انتهت إليه الفتوى في أيامه، مما خوله إمامة جامع المقاطعة العتيق..
مر "خيرن" عائدا إلى أهله بعد رحلته المسائية الترفيهية. فإذا جموع المصلين في وضعية السجود، لم يطل التفكير ب"خيرن"، جاءته فكرة جنونية، لم تخطر لأحد على بال لا قبله و ربما لا بعده..
أخذ حجرا و وقف خلف المصلين ثم قال:
"مشغال كامل ارفد راصو اندور نشكفو ابذي الحجرة"..
عرف المصلون صوت " خيرن".. و عرفوا فيه الجدية فيما قال.
لم يرفع الإمام رأسه و لا المأمومين.
فهم يدركون جيدا أن "خيرن" صادق في تهديده. و هو فوق ذلك يعرفهم واحدا واحدا...
أطال الإمام سجوده و دعا الله بما شاء، و أطال أيضا دعاءه...
انتظر أن ينصرف "خيرن" بسلام، لكنه لم ينصرف، و واصل تهديده.. بل تخطى الصفوف و وقف جنب الإمام عند رؤوس الصف الأول...
لم يرفع الإمام من السجود و بالتالي لم يرفع أحد من المأمومين أيضا...
استمر الوضع - سجودا - لدقيقتين أو أزيد..
توتر ما فوقه توتر..
من العجيب ألا احد في الشارع لينهر "خيرن"، أو يمسكه و يذهب به...
استمر الحال " خيرن" أمشبر" يحاذي الإمام واقفا أمام المصلين، علامات الجد بادية على محياه..
الإمام مازال ساجدا، و غيره ساجد بسجوده.. لا أحد يجرأ على رفع رأسه.. و "خيرن" أمشبر بأزلاي" و علامات الجد بادية على ملامحه..
بعد مرور دقائق انفجر أحد المأمومين ضاحكا، و رفع رأسه و سقط على قفاه، و انتابته موجة ضحك...
انفجر آخر هنا عن يمين الإمام، و آخر هناك عن يساره...
سيطرت هستيريا ضحك على المصلين شيبا و شبانا...
وحده الإمام بقي ساجدا، لم يستطع رفع رأسه من سجوده..
بعد لحظات من هستيريا الضحك التي عمت المصلين وقف أحد الحضور إلى "خيرن" و أمسكه، و ابعده، بعد أن لفه على ما لفه عليه...
حينها رفع الإمام رأسه من السجود، و أكمل صلاته بالتشهد و التسليم... رحم العالم الفاضل "اسلم" و المجنون "خيرن"...
السالك ولد انلل (تدونة )