حتى قبيل زوال يوم الاثنين، كانت مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي الخزان الانتخابي الذي يعول عليه النظام وتسعى المعارضة لكسب وده شبه خاوية إلا من خيام قفر على أطراف المدينة علقت عليها لافتات بالكاد توحي للمتمعن فيها عن قرب أن استفتاء دستوريا بات على الأبواب.
صمت رهيب أشبه بصمت القبور إلا من عابرة صحراء تشق طريقها باتجاه بيت مغلق أو فندق مكيف، أو سيدة تستصرخ طفلها المشاكس خشية عليه من سرعة سيارات العابرين.
بعيد الزوال بدا أن شيئا تغير في واقع المدينة النائمة أيقظ ساكنتها وأحدث جلبة تحولت في دقائق إلى ما يشبه المهرجان.
سيارة بيضاء تدخل المدينة على حين غفلة من أهلها وفرحة ترتسم على الوجوه وزغاريد تصم الآذان،مزامير سيارات تطلق أبواقها أهازيج يخيل إلى سامعها أنها تقول بصوت فصيح مرحبا بالقادم.
يصطف مئات المستقبلين على جنبات الطريق ملوحين بأياديهم رافعين شعارات من قبيل نعم للتعديلات الدستورية فيفتح باب السيارة ليخرج منها الدكتور مولاي ولد محمد لغظف مبتسما كعادته ليصافح المستقبيلن على وقع الزغاريد والترحاب.
تتحرك القافلة باتجاه منزل الدكتور فيحاصر الرجل بضعف عدد المستقبلين على ناصية الشارع داخل البيت وتبدأ الوفود تترى من شتى القبائل والأعراق ليختلط حابل الولاية بنابلها في بيت الدكتور إيذانا بانطلاق حملة تدب فيها الحياة لتخرج المدينة من سباتها العميق وصمتها الرهيب.