كثر الحديث هذه الأيام عن تركيز الجهاز الحكومي بشقيه التنفيذي والسياسي على ولاية اترارزة وبالمناسبة فبودي أن أقدم رأيا متواضعا لايدعي صاحبه رجاحة العقل ولاسلامة التفكير...ولكنه مع ذلك يتأسس على قاعدة الوضوح والتميز...
فكرت مليا قبل أن أكتب...فكرت في الآذان المترصدة لزلات قلمي وهي كثيرة ... أو جرأته بالنسبة لآخرين وبعد كل هذا استخرت الله وفكرت في مصلحة وطني ... إنتهى تفكيري إلى تبيان بعض القضايا المتعلقة بولاية اترارزة...كجزء من هذا المجتمع المكون للجمهورية الإسلامية الموريتانية والذي لن نسكت أبدا عن ظلم لحق بجزء منه....
لقد كان من الأفضل أن توجه هذه الحملة ضد الصورة النمطية التي سخرت لها أجهزة الدولة طيلة ثلاثين سنة ...سخرت لها عقول ونظر لها منظرون ورصدت لها الميزانيات... وللأسف فبعض العقول المنظرة لهذا الفعل المشين والمخطط له توجد اليوم في قلب النظام....ولايمكن ان تكون بلسم الجرح الغائر...
كان على رئيس الجمهورية ان يصلي صلاة الغائب وصلاة الحاضر على من راح ضحية هذه المؤامرة التاريخية من أبناء حاضنة من حواضن الوطن ربما يكون ذنبها الأول الوحيد أن مواطنا ينتمي لها أسس الدولة الموريتانية واجتهد في قضايا وطنية أخطأ أو أصاب تلك أمور متروكة للمؤرخ النزيه...وكان ذنبها الثاني أن مواطنا آخر من نفس الولاية عارض سنوات الظلم ولم تستطع زبانية ولد الطايع (خلع سرباله ) كما فعلت مع الكثير من الرجال ... هذه الصفحة المظلمة من التاريخ طويت صفحتها من طرف جماعة من ابناء الجيش الوطني... وكان على قادة المرحلة الإنتقالية أن يعالجوا كل مخلفات المراحل الاستثنائية بما فيها (المسألة التروزية ) .
هناك جرح ظل ينزف خلال ثلاثين سنة وهو لعمري جرح غائر لابد من نكئه حتى يصل الدواء إلى العمق....واعني بالجرح هذه الصورة النمطية المرسومة في الأذهان عن إنسان الجنوب عموما.ومفهوم الكبلة بشكل خاص وكل الايحاءات المتعلقة به.. لذلك فنحن بحاجة ماسة لتفكيك اجزاء هذه الصورة النمطية فبعضها يمس العرض ويستوجب الإعتذار وبعضها يتعلق بتمييز في قطاع حيوي وإقصاء متعمد من مؤسسة الجيش....... والبعض الآخر بتمييز ثقافي غبي غير مسبوق في تاريخ البشرية وله هو الآخر آلاف للضحايا....أتذكر أن سنة نجاحي في مسابقة دخول السنة الاؤلى إعدادية كان لدي رفاق منعهم حاجز 120درجة من النجاح في نفس الوقت الذي كان لديهم فيه إخوة ينتمون لنفس الوطن تكفيهم علامة 70 درجة للنجاح...ومنها ماهو اقتصادي وله ضحاياه ومنها ماهو توظيفي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار...فلايمكن لإطار من هذه الولاية أن يكون وزيرا أول أو رئيس حزب حاكم أو قائدا لأركان الجيش...أو حتى مديرا لبعض المؤسسات الوازنة...
ولن تنتهي معالم هذه الصورة عند هذا الحد بل ستتجاوزه إلى ماهو سياسي فهذه الصورة تقذف هذا المواطن بالغموض والتُّقِيَّة اي الازدواجية في الموقف... وهنا لابد من التذكير بمواقف تتعلق بابناء الولاية فلو كان الخوف يتسلل إلى قلوبهم لما كان بعضهم قادة لأخطر التنظيمات الجهادية في العالم...وعلى جبهات القتال فيها وفي سجون اغوانتنامو....تلك هي الشجاعة الحقيقية...
وكذلك إذا كان اطرهم يخشون الترهيب أو يجلبهم الترغيب لما آزروا نظام عزيز في اللحظات الصعبة أيام الإنقلاب وبعد ذلك في كل الاستحقاقات التي تلت ذلك حيث كان رئيس الجمهورية يحتل الصدارة رغم وجود ثلاثة مرشحين مثله ينتمون للولاية... هناك مسألة أخرى لاحاجة للتذكير بها وهي المواقف المبكرة وغير المترددة التي اتخذها أطر اترارزة من حركة التصحيح فقد انطلقت أول مبادرة مؤيدة للرئيس من قلب اترارزة محطمة بذلك الحاجز النفسي وهواجس الخوف التي كانت تتربص بالكثيرين...
هذه المواقف الكبرى والحاسمة ينبغي أن لا يظلل عليها انتماء زعامات من المعارضة للولاية....فهؤلا رجال وللنظام رجاله من الولاية...كما هو الحال في جميع مناكب موريتانيا...
إنني أقترح على صناع القرار أن يتجسد الإهتمام الجديد بالولاية في محو آثار هذه الصورة النمطية في كل الأبعاد والاتجاهات وربما تكون الخطوة الأولى هي استبعاد كل من ساهم في سنوات الجمر في رسم هذه الصورة القاتمة. فالدولة الراشدة تسير بعناصر لائتلاف بينما لاتقود عناصر الإختلاف إلا إلى الدولة الفاشلة