ليتني لم أتقاعد / سيدي محمد ولد عبدو ولد الإمام

9. يوليو 2017 - 19:38

هل تعلم عزيزي القارئ أنه في بلدان أخرى بعضها مجاورة ينتظر الموظف لحظة تقاعده بفارغ الصبر ليتمكن من الإستجمام والراحة والمطالعة والسفر مع أفراد العائلة، كيف لا وهو يحظى أولا بإحترام الجميع وثانيا براتب يتراوح ما بين 400 إلى 1500 دولار شهريا في بعض البلدان هذا إضافة إلى تأمين صحي وخصم على تذاكر السفر والمواصلات ناهيك عن توفير السكن في بعض الأحيان.

كل هذا مع الإستفادة من خبرته وإستشاراته وأخذها بعين الإعتبار.
أما في بلادنا بلاد المليون شاعر الجمهورية الإسلامية الموريتانية فللمتقاعد حظ من إسمه مُتْ قٙاعد ، لا تستغرب عزيزي هذا هو المتقاعد عندنا يموت قاعدا مهمشاً مظلوما لا تأمين ولا إحترام ولا راحة ولا إستجمام ولا شيئ غير الفقر والتجويع.
قمت بزيارة قبل أيام لرابطة متقاعدي الجيش الوطني وكانت المفاجأة صادمة عندما بدأت أستمع لمعاناتهم حيث يبلغ راتب الجندي الواحد منهم بعد التقاعد 5000 آلاف أوقية شهريا وراتب الضابط المتقاعد الذي يحمل معه الكثير من أسرار هذا البلد 50000 أوقية كل ثلاثة أشهر، بالله عليكم أعزائي ماذا يمكن أن يفعل جندي متقاعد ومُعيل لأسرة تتكون على الأقل من 5 أشخاص بمبلغ خمسة آلاف أوقية شهريا، وماذا يمكن أن يفعل الضابط بخمسين ألف أوقية كل ثلاثة أشهر.
ثم قمت بزيارات لمفترقات الطرق التي تعُج بالمتسولين لأكتشف أن أغلبهم من متقاعدي الجيش وعائلاتهم، طلبوا مني أن أصورهم ليكتشف العالم كيف رٙدّت إليهم الحكومة الجميل بعدما شاركوا في جميع الحروب التي خاضتها البلاد وعملوا بكل جهد وصدق على بناء هذا الوطن.
وأثناء تبادل الحديث أخبروني أن بعضهم قادهُ الجوع إلى الإلتحاق بمنظمات إرهابية والبعض توزّع على المساجد وملتقيات الطرق لطلب الصدقة والمساعدة، أما البقية ممن منعهم الكبرياء عن ذُل المسألة فقد لزِموا أماكنهم ينتظرون ما تجود به أيادي الجيران من فضلات الطعام ليسُدوا به رمقهم.
وكانت الحكومة قد قامت بإنشاء شركة تحت عنوان MSP لمساعدة هذه الشريحة واكتتبت بعض المتقاعدين عند إنشائها ثم سرحت أغلبهم فيما بعد لتعود إلى سياسة الجهوية والقبلية وتعيين الأقارب الذين في بعض الأحيان لا ينتمون لشريحة متقاعدي الجيش.
هذه الشريحة الآن تصرخ صرخة مظلوم جائع مطالبة بحقوقها المغتصبة، ولسان حالها يقول ليتٙنٙا لم نتقاعد.
أعزائي إن الدول تقوم على الكفر ولا تقوم على الظلم.
فاحذروا صرخات الجياع.

تابعونا