
بخصوص الحادث فجر اليوم بمنطقة فركاكه 20كلم شرق مدينة كيفه كنت أول الواقفين عليه دقائق بعد وقوعه رفقة أحد الإخوة حوالي03:30 فجراً حيث كنا في طريقنا للاتحاق ببعض الشباب مسافرين نحو انواكشوط.
الحادث بشاعته لا توصف، 4 نسوة وطفلتان مع سائق السيارة الطفلتان إحداهما تبلغ 4 سننين والأخرى في عامها الثاني كانو يقفون عند رأس والدتهم العشرينية العالقة تحت السيارة، والتي تبدو فارقت الحياة من حينها، فتاتان في العشرينات من العمر في صدمة كبيرة إحداهما أخت المتوفية والأخرى خالتها الجدة المصابة التي لم نشعر بوجودها إلا بعد دقائق من وقوفنا حيث كانت ملقية عشرات الأمتار من السيارة ربما ألقتها السيارة، أو من هول الصدمة أرادت الفرار وهي في حالة حرجة.
أمضينا ما يقارب النصف ساعة ونحن عاجزين عن فعل أي شي، فلا تدري أتمسك الصغيرتان عن والدتهم أو تقف عند رأس الجدة التي حسبتها تُحتضر، أو تهدء من روع البقية، نصف ساعة وطرقنا جميع الأرقام المعدة للتدخلات، لا إسعاف ولا حماية مدنية تستجيب، رغم أن الحادث لا يبعد أكثر من 10كلم من نقطة الدرك، و20كلم من مركز المدينة كيفه، والوصول لا يكلف 20 دقيقة!
بمساعدة بعض الإخوة الذين قدموا إلينا قررنا حمل الجدة في السيارة وذهبنا بها إلى المستشفى والحمدلله وُفقنا في تذكيرها الشهادة، وهو ما ظلت تردد "لا إله إلا الله محمدرسول الله شفيعي" قبيل مفارقتها الحياة بعد نزيف حسب الأطباء على مستوى الفخذ وجرح عميق بالرأس.
سبب الحادث حسب السائق أنهم كانوا ينوون المبيت في ميفه لكنهم لم يجدو مكان مناسب فقرروا أن يواصلوا، وحسب الواضح أنه لم يكن يسير بسرعة فالسيارة لا تبعد 6 أمتار عن الطريق، وحسب ما ذكرت إحدى الفتيات أنه أخذ غفوة فأرادت تنبيهه لكن بطريقة أرادت من خلالها توجيه السيارة وهو ما أربكه..
لا زلت في صدمت من هول ما شاهدتُ، من مشهد الصِبية الذين يقفون عند رأس والدتهم يحاولون إسنادها لتقوم، وهي حالة يصعب وصفها، من هول الإحساس بالضعف، لا تملك أي شيء سوى هاتف وأرقام أغلبها لا يرد.. بكاءٌ من هنا وأنين من هناك وموتٌ حاضر.
رحم الله تعالى السيدتين وألهم ذويهم الصبر والسلوان وربط على قلوبهم، وجزى الله خيرا الأهل فقد كانوا صابرين محتسبين لا يلقون اللوم على أحد وقد حرصوا أن يزورا السائق ويطمإنوا على صحته مؤكدين له أنهم لا يطالبونه بشيء ولا يواخذونه قدر الله وما شاء فعل.