*وطن مجنون* !؟ / سيدي علي بلعمش

24. يناير 2025 - 11:10

حتى هذه اللحظة ، ما زالت موريتانيا تعيش حالة مراهقة غير مفهومة ؛ تجاوزت كل مراحل العمر المحرجة و لم تكبر !!

حين تأسست الدولة ، لم يكن ولد داداه يريد شعبا و لم يكن الشعب يريد سلطة !!

و بحسن نية أو سوئها ، جاء المرحوم ولد داداه من اندر ، بإدارة كاملة من السفرنسيين و السنغاليين ، تولت على امتداد ما يقرب من العقدين ، مهمة مسخ هوية البلد ، على خارطة أجندة تراكم منظم ، وَزَّعت فيه الإدارة الفرنكو ـ سنيغالية (في سباق مع الزمن) ، الأوراق الوطنية على كل من هب و دب من قارة كاملة ، تعاني الفقر و البطالة في ظل انفجار ديموغرافي محموم، صاحبَ نهاية الحرب العالمية الأبشع في تاريخ البشرية ..

و بعد حملة إعلامية منظمة مستمرة حتى اليوم ، احتل ولد داداه كل صفات القداسة :
الأب المؤسس ،
الابن البار ،
و روح قدس جيل التأسيس (…) ..

أصبح أي انتقاده لولد داداه (حتى اليوم) ، بالحق أو الباطل ، خطيئة لا تغتفر و حالة عداء غير مفهومة تنم عن خلل عميق في شخصية صاحبها ..

كانت عقدة "المطالب المغربية" واضحة التأثير على عدم توازن ولد داداه. و يمكن الآن أن نحكم بكل تسريبات المنطق المُتاحة ، أنها أوصلته الجنون بدخوله أعزلا ، حربا أهلية كنا نموت فيها على الجبهتين !!

كان الحديث عن أخطاء ولد داداه خطيئة لا تغتفر و أصبح الحديث عن جنونه رِدة وطنية من العيار الثقيل.

و لأن ولد داداه كان الوطن ، لم يتنازل أي ممن جاؤوا بعده عن تلك القدسية و لم يبلغوا غير جنونها ..

و لأن المجانين في بلدنا لا يشفون ، أصبح مفعول مهدئات الزعماء سببَ جنون المجتمع : كلما حَكَمَ الشعب على القائد المفدى بالحكمة و العقل فاجأه بقرار مجنون و كلما حكم عليه بالجنون ، فاجأه بلحظة صفاء تُرَتِّبُ بهدوء المُكَبَّلِ كلَّ أوراقِ الجنون !!

جنَّ الوطن ..
جنَّ الشعب ..
جن الجنون ..

لكن ،
أي جنون أكبر من بحث حكومة تقنجة ، المتجولة اليوم في أدغال أحياء البؤس بالداخل ، عن ترتيب أولوياتٍ بَعثرها جنون تدوير المفسدين !؟

أي جنون أكبر من تكبيلها للمحروسة نواكشوط بسور وهم عظيم ، على طريقة حراسة غربان المرحومة تَيْبَه !؟

تابعونا