صادقت الجمعية الوطنية خلال جلستها العامة المنعقدة صباح اليوم الجمعة برئاسة النائب الثاني لرئيس الجمعية الوطنية النائب احمدو محمد محفوظ امباله ، على مشروع القانون رقم 23-025 المتعلق بالعمران والبناء.
ومثلت الحكومة في هذه الجلسة من طرف السيد سيد أحمد محمد، وزير الإسكان والعمران الاستصلاح الترابي، رفقة بعض معاونيه.
خلال نقاشهم أشاد النواب بمشروع القانون الجديد، معتبرين أنه يسد فراغا قانونيا مُلاحظا، ويعالج مجالا من أكثر المجالات تعقيدا وتداخلا، وتطرقوا في مداخلاتهم لعدد من النقاط من بينها:
-تعقيدات الحصول على رخصة البناء. في هذا الإطار، دعوا إلى استحداث شباك موحد لتمكين المواطنين من الحصول عليها بسلاسة وبسرعة
-غياب وجود تصنيف واضح للأحياء، وتساءلوا عن إمكانية تحويل المصانع بعيدا عن المناطق المأهولة بالسكان، نظرا لما تسببه لهم من أضرار صحية وبيئية.
-ظاهرة الاستحواذ على الفضاءات العمومية واستغلال مساحات من الشارع لإنشاء خزانات الصرف الصحي المنزلي، مشيرين إلى أن الأولى منع البناء من البداية بدل الهدم في مرحلة لاحقة
-الحاجة إلى مضاعفة المُنجَزْ من مشاريع السكن ذات البعد الاجتماعي، وتحاشي الاختلالات الملاحظة في التجارب السابقة مستقبلا، وتمكين ذوي الدخل المحدود والموظفين من الولوج للملكية العقارية
-ضرورة إنجاز المخططات الحضرية وفق رؤية تشجع التمدد العمودي بدل الأفقي، ولا تستنزف المخزون الاستراتيجي من القطع الأرضية، مع الحرص على الإلزام بإجراءات الأمان في المخططات المعمارية وتمكين المعاقين من الولوج للمرافق الحيوية
-إشكالية ازدواجية الملكية وتصور القطاع للحلول، لاسيما مع طول مسارات التقاضي في هذا الشأن.
كما أن من بين الإشكالات التي أثارها السادة النواب:
-خطر المباني المتهالكة على الجيران، وغلاء أسعار القطع الأرضية واختلاف مساحتها من مقاطعة لأخرى، فضلا عن البطء في التعاطي مع مقترحات الجهات المحلية، وتعطيل القوانين من خلال عدم استصدار مراسيم تطبيقية لها.
في مستهل عرضه، أكد الوزير أن التحكم في قطاعي التخطيط الحضري والبناء يتطلب إنشاء نظام تشريعي وتنظيمي ملائم وملزم، وهو ما يضمن تسييرا تقديريا ومعقلنا للفضاء الحضري، وتنفيذ منشآت ذات جودة عالية، مستدامة، وآمنة، وموثوقة.
وذكّر بأن المشرّع اعتمد القانون رقم 07-2008 بتاريخ 17 مارس 2008، المتعلق بمدونة العمران، إلا أنه بعد 14 سنة من المصادقة عليه، لم تتوصل السلطات العمومية للنتائج المنتظرة منه في مجال العمران، والوقاية من النزاعات، وخدمة التنمية من خلال التسيير المعقلن، مُعدِّدا النواقص الملاحظة فيه:
*عالج بإيجاز مضمون وثائق التخطيط والتسيير الحضري؛
لم يحدد بصورة واضحة آلية المصادقة على مخطط التقطيع؛
عالج بصورة وجيزة قطاع البناء
-لا يتيح للهيئات المحلية اللامركزية إمكانية المبادرة إلى إعداد وثائق التخطيط والتسيير الحضري
-لا يأخذ بعين الاعتبار الجوانب المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية، ورقمنة المصالح العمومية للدولة، خاصة فيما يتعلق بإصدار رخص البناء.
وأوضح الوزير أن العلاقات الضيقة والمتداخلة بين قطاعي العمران والبناء من جهة، ومشاركة عدة فاعلين من جهة أخرى، يفرض خلق نظام منسجم لتدوين نشاطات هذين القطاعين على نحو يضمن تسييرا أحسن للفضاء الحضري، وتأسيس معايير تقنية صلبة وموثوق بها.
وخلص إلى أن النص الجديد يشمل نشاطات القطاعين المذكورين آنفا، ويُكمّل النواقص الملاحظة في النص السابق، فضلا عن إدراج المسائل المتعلقة بالجانب البيئي والتغيرات المناخية، ويتيح إمكانية إدماج الرقمنة، خاصة ما يتعلق منها بإصدار رخص البناء، كما أنه يضع إطارا تشاوريا وتشاركيا مع الهيئات المحلية اللامركزية، وهو ما يعزز اللامركزية كخيار للدولة.
وأشار الوزير إلى أن المشروع المقترح يشتمل على ستة أبواب تتعلق بالترتيبات المشتركة، والنظم العامة للعمران، والشروط العامة للبناء، وآليات الرقابة والعقوبات، وترتيبات مؤقتة ونهائية.
وختم الوزير عرضه بالتنبيه إلى أن من المضامين الجديدة التي حملها هذا المشروع تحديده للمسؤولية الجنائية بشكل دقيق في حال الإخلال بالبناء الذي ترتبت عليه خسائر، كما سد ثغرة غياب العقوبات الملاحظة في هذا المجال، بالإضافة إلى تعدد رخص البناء تبعا لطبيعة البناء المُراد وخصوصية منطقته.
من جهة أخرى أوضح الوزير " أن الكثير من القضايا التي تطرق لها النواب الموقرون في مدخلاتهم تتعلق بالماضي، وأن قطاعه عاكف على معالجتها وفق رؤية شاملة، تكمل النواقص الملاحظة في النصوص القانونية والتنظيمية، وتهدف إلى ضبط المجال العام وتنظيمه دون تضييق على المواطن أو التعدي على حقه في الملكية المُثبتة.
وأكد أن النص المقترح يحدد أجلا لا يتجاوز الشهرين لاستصدار أذونات البناء، وأن الهدف من ذلك ليس تعطيل البناء وإنما الدراسة والنظر في مدى مطابقة إحداثيات الموقع للمحدد في المخطط، والسلامة من المشاكل، وأن العمل جارٍ لرقمنتها.
أما بخصوص المصانع، فقد أشار الوزير إلى أن ترحيلها أمر صعب، لكن قطاع البيئة يمكن أن يلزمها بالحدِّ من الانبعاثات المزعجة للمواطنين، وأنهم يعملون من خلال مشروع القانون الجديد على أن تكون هناك مناطق مستقلة، لكل منها خصوصيتها: صناعية، تجارية، سكنية، ترفيهية...
ونبه إلى أن الأكثرية المطلقة من المساحات المخططة للقطع الأرضية كانت تُمنح في السابق دون مراعاة للشوارع والفضاءات العامة، وأن القطاع يحرص اليوم على أن تكون نسبة 26% من المساحات المخططة شوارع، ونسبة أخرى للساحات، مضيفا أنهم يتعاملون مع الحيز العام "المُشرَّع" لخصوصين في الماضي من منطلق استمرارية قرارات الدولة.
وأكد الوزير أنه لا اختلال شاب عملية منح القطع الأرضية في مشروع "حياة جديدة"، وقد تمت بمنتهى الشفافية، وأن الجهة التي كُلفت بإحصاء المستفيدين قامت بعملها وفق آلية متقنة وشفافة، اعتمدت السجل الاجتماعي كمرجع، مع التسجيل الميداني الدقيق للإحداثيات.
ولفت إلى أن ازدواجية الملكية تعد إشكالا حقيقيا يواجه القطاع، وهي ناجمة بالأساس عن تعدد المخططات الحضرية في السابق، ويمكن أن يساهم إدخال الرقمنة والتنسيق مع القطاعات الأخرى في حل الكثير من الإشكالات المرتبطة بها.
وفي ختام رده، أشار معالي الوزير إلى أن قضية المعاقين وإجراءات الأمان من جملة أمور أخرى تطرق لها النص الجديد في متنه.