أنا، عكس الجميع ، أعتبر شعبنا عبقريا ، ديناميكيا ، شجاعا ، أصيلا ، قادرا على خلق نموذج عيش ينافس أبدع ما أنتجه الفكر البشري.
على شعبنا العبقري اليوم أن يفهم أن النُخبَ لا تخون و أن الشعوبَ لا تخون ..
ما يحصل اليوم في بلدنا هو أن شعبنا الطيب صدَّقَ نخبة مزورة في لعبة مُعقَّدة رسمها خبراء في بسيكولوجيا الشعوب.
إن ديمقراطية تنتج مثل هذه الانتخابات ، لا تساهم إلا في تدمير العالم الثالث ، كما يراد لها.
ما يصرف على هذه الانتخابات كل خمس سنين ، كان يكفي لحل نصف مشاكل البلد و من تأتي بهم من أسوأ "نخبة" البلد ، ما كان لهم أن يصلوا قمة المجتمع بشهاداتهم و لا بإخلاصهم و لا بنضالهم و لا بذكائهم و لا بشعورهم بالمسؤولية و لا بألمهم لواقع المجتمع .
وحدها هذه الانتخابات المريضة التي صُمِّمَت لتدمير بلداننا هي المسؤولة عن وصولهم إلى القمة من دون أي أحقية .
هذه النخب الفاشلة ، الجاهلة ، العابثة ، المغرورة ، هي سيدة المقولة المشهورة "من جهل شيئا عاداه" .. هي من تتلذذ بفساد التعليم .. هي من تقف في وجه القوانين الرادعة للفساد الاجتماعي .. هي من تعمل باستماتة لاستمرار الفساد الإداري ..
هذه النخبة المزورة التي أصبحت الحالات الاستثنائية فيها شذوذا ، هي سبب مأساة بلدنا و البلدان المماثلة له .. هي ضمان استمرار تخلف بلدنا .. هي كذبة "توجيهات فخامة رئيس الجمهورية النيرة" الأزلية ، التي حولها المتزلفون إلى تتمة "الباقيات الصالحات" ..
على نخبة بلدنا (خبراء و أساتذة و مهندسين ، في أمريكا و أوروبا و المشرق) المغيبة ، المهمشة ، المعذبة في الأرض ، المُهجَّرة في مشارق الأرض و مغاربها ، أن تعود جميعا إلى البلد لتغير هذا الواقع المؤلم .. أن تفهم أنها تستقيل أمام مسؤولياتها بالخضوع لمثل هذا النزوح الممنهج ..
على النخب المحلية التي هجرت المنابر و المواقع و الصحف بسبب انتشار هذا الغث المخجل ، أن تعمل على خلق مناخ نضالي نخبوي حقيقي لعودة الجميع من أجل استشراف أفق أمل أجمل ..
المعارضة المسؤولة دمرها عزيز ، الموالاة الناصحة لم توجد قط على أرضنا و الإنقلابات العسكرية هي بكل تأكيد آخر ما يمكن أن نتمناه : لا نملك اليوم إذن ، سوى أن نبحث عن حل مع النظام القائم و هو أمر ممكن ، يتطلب إعلان حسن نية من كل الاطراف و الضغط المستمر المُتجاوِز لكل ما لا تفيد العودة إليه. و الحل الجيد هو الحل الذي لا يرضي أي طرف و لا يستطيع أي طرف رفضه.
أكبر خيانة في بلدنا اليوم ، هي جلوس البعض في انتظار أن يضحي الآخرون ليصنعوا مناخا ملائما لـ"عودتهم الميمونة" !!!
من أنتم يا سادة و بأي منطق تفكرون؟
لقد تحكمت النخب المزورة و أصحاب الشهادات المزورة و بارونات المخدرات و عصابات شبيكو و العاب القمار و تبييض الأموال و تحار تزوير الأدوية و باعة المواد الغذائية منتهية الصلاحية و باعة الدروس الخصوصية الخارجة عن أي برنامج تعليمي معروف ، في كل شيء.
و من هذا الخليط الفاسد ، النتن ، الأجوف ، المغرور ، العابث بكل شيء ، يُعينُ الوزراء و المدراء و يُنتخبُ العُمدُ و النواب و منه يَصعُدُ رؤساء الأحزاب و نقباء الصحافة و رؤساء اتحادات الكُتاب و فيالق شعراء النفاق و مدراء الجرائد و القنوات و اللوائح الوطنية للشباب و النساء و الشرائح العنصرية .!
هذه الديمقراطية بالضبط ، هي أقل ما نحتاجه .. هي أكثر ما يجب أن نحاربه .. هي أسوأ ما كنا ننتظره ..
لسنا بحاجة إلى الديمقراطية و بين أيدينا كتاب الله (جل و علا علوا كبيرا)و أحاديث رسوله (عليه أفضل الصلاة و السلام) ..
لسنا بحاجة إلى كذبة إنسانية الغرب الوحشي و بين أيدينا عدالة عمر ..
لسنا بحاجة إلى جريمة نضال بيرام و افلام و تواصل (برعاية المنظمات الصهيونية) ، و بين أيدينا تراث المالكية و إبداعات فحول الفكر (ولد اتلاميد ، آبَّ ولد اخطور ، سيدي عبد الله ، عدود و ألف آخر ليس من بينهم من لا يحتاج بيرام ألف عام لفهم أي إطلالة مبسطة له .
لا شك أن النخب بطبعها ، شديدة الحساسية من الاختلاط مع مثل هذه الغوغاء الفاسدة ، لكن مواقفها اليوم أصبحت عقوقا فاضحا للوطن و على من يريد أن تصبح أمه زبيدة (زوجة هارون الرشيد ) أو الليدي اديانا (أميرة ويلز ) أو نفر تيتي ، ليبرها ، أن يفهم أنه أعقُّ ولدٍ و ألأمُ مخلوق على وجه الأرض.
ليس لنا غير موريتانيا و لا ينبغي أن يكون لها غيرنا ، كما يراد لها اليوم !!
و على من لا يضحي من أجلها اليوم ، أن يفهم أنه تخلَّى بوعي و إرادة عن واجبه المقدس.
لقد رمت بنا الأقدار اليوم على عتبة الاختيار بين أن "نكون أو لا نكون".
و على من يبحثون عن خيار ثالث أن يفهموا أنهم هم الأسوأ ، إن لم يكونوا أسوأ منـ"هم".
أما من أحرقوا مراكب عودتهم إلى الوطن و يتبجحون بها في كل المناسبات و من دون مناسبات ، فتذكرهم فقط يقول أحمد صبري غباشي : "من المعروف أن الكلب في كل دول العالم يعدو لاهثاً وراء الناس كي يستجلب منهم عظمة يلعقها ، عدا هنا ، فنحن إذا جرؤنا واشتهينا عظمة ، نجري وراء الكلاب أميالاً ، ولا عظام هنالك".
*تصويب* : نعم ، ما زلت أشك في قدرة هذه الانتخابات على الصمود في وجه أخطاء من صمموها بقصد أو بقصور ، على حقل الغام بلا خارطة.