ليس مناسبا أن نسقط مفهوما ولد وترعرع في سياق حضاري وزمني مختلف مثل الديمقراطية على التاريخ العربي والاسلامي، ولكن ليس دقيقا أن هذا التاريخ لم يعرف تجارب ومقاربات تتقاطع مع القيم الديمقرطية خصوصا في شرعية السلطة ومصدرها، وفي آليات الرقابة والعزل، وفي العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
أما كون الديمقراطية ليست مطلبا شعبيا في العالم العربي، فهذا التشخيص يصلح لعقود مضت، وليس للواقع اليوم، فقد رأينا قطاعات شعبية وسياسية واسعة عبرت عن هذا المطلب وضحت من أجله، وضحي بها على مذبحه.
صحيح أن البناء الديمقراطي يحتاج ثقافة ديمقراطية، وصحيح أن تيارات ونخبا منا لديها نقص ليس محدودا في الثقافة الديمقراطية، ولكن العلاقة بين البناء الديمقراطي والثقافة الديمقراطية ليست تراتبية وليست الثانية شرطا سابقا للأول، هناك إمكانية في التزامن، ولعل التقدم في البناء الديمقراطي من أهم عوامل انتشار الثقافة الديمقراطية.