جريمة قتل بشعة هزت الراي العام المنشغل هذه الفترة بوباء كورونا فلم تلقى القصة الزخم الذي تستحقه ولم يتم تناولها على نطاق واسع نظرا لمواضيع الساعة التي تشغل الراي العام ونظرا ايضا الى شح المعطيات المتعلقة بالجريمة المعقدة التي استطاعت الاجهزة الامنية مؤخرا فك رموزها والوصول الى الضحية بعد ايام من وفاتها
فصة وفاة الفتاة الثلاثنية خيدجة عمار صو في تقرير موقع الحوادث....
أمر وكيل الجمهورية مساء الثاني عشر من شهر ابريل 2020 بتسليم المشتبه فيه(آمادو عمر با) في جريمة قتل (خديجة عمار صو) التي حضر لمعاينة جثتها التي عثر عليها مقيدة اليدين إلى الرأس متحللة في منطقة مقطوعة.وذلك بعد تفكيك طلاسم الجريمة المعقدة من قبل الشرطة في مفوضية دار النعيم بالإدارة الجهوية لأمن ولاية نواكشوط الشمالية، والقبض على المنفذ اثر متابعة شاقة ومعقدة،لتقدم في النهاية الثمرة طازجة للدرك في مركز تكنت من غير إرهاق ولا تعب.
إنها قصة بحث فككت طلاسم حادثة قتل مرعبة لخديجة عمار صو المولودة 1989 في (كيهيدي)عاصمة ولاية كوروكول، والحاصلة على شهادة باكلوريا، التي غادرت منزل أسرتها بمسقط رأسها باتجاه نواكشوط في رحلة بحث عن عمل يدر عليها براتب يمكنها من مساعدة أسرتها.. وبعد بحث في العاصمة نواكشوط تكلل بالفشل ، تقودها رحلة البحث باتجاه العاصمة الاقتصادية نواذيبو، لتعود منها محبطة مكللة بالخيبة إلى نواكشوط، حيث سيقودها القدر إلى أحضان مجرم غرربها وستدرجها موهما اياها بأنها حققت حلم العثور على عمل ويجرها بتدرج حتفها بعد اغتصابها ويطمس كل الآثار التي ستقود إليه.
بداية قصة اختفاء "خديجة صو"..
في يوم 25 من شهر مارس 2020 تقدمت أسرة بالإعلان عن فقدان ابنتها خديجة عمر صو، وشرحت الأسرة في البلاغ تفاصيل الظروف التي غادرت فيها الفتاة المنزل تبحث عن عمل ولم تعد. وقصة أن شخصا يعمل في فرع من منظمة اليونسف في بلدية "تكنت" كان قد طلب منها ملفا وأنه وجد لها عملا في الفرع المذكور.. وأنها ذهبت إليه ولم تعد .. وانقطعت جميع الاتصالات بها.
الشرطة في مفوضية دار النعيم بولاية نواكشوط الشمالية، أخذت الموضوع باهتمام وتكلف رئيس قسم البحث في المفوضية الشيخ أحمد بمتابعة الملف، حيث بدأ بأول إجراء في البحث في الاتصالات عبر هاتفها، ولذلك تقدم برسالة للكشف عن المكالمات الى الشكات الاتصالات التي كشفت له عن الرقم الذي سيقود إلى "آمادو عمربا" الذي كشفت المكالمات التي عثر عليها أنه آخر شخص يلتقي بالفتاة أنه كان لصيقا بها وحتى يوم اختفائها 25 من مارس 2020.
الشرطة تفشل في استدراج المشتبه فيه..
بعد أتؤكد من رقم هاتف آخر شخص اتصل بها، اتصل المحقق بصاحب الرقم وكشف له أنه رئيس قسم البحث في مفوضية دار النعيم وأنه يطلبه للمثول أمامه لاستجوابه عن موضوع يخصه، ماطل المشتبه فيه بالحضور، وكان في كل مرة يعده أنه سيحضر ولا يفعل.. واتصل به المفوض المديرالحهوي بالنيابة وطلب منه الحضور لكن ذلك لم يجد. و أغلق المشتبه فيه هاتفه ليقطع على الشرطة خيط العثور عليه.. وعند ما فشلت تلك الطريقة في استدراج المشتبه فيه.. عمد المحقق إلى طريقة أخرى.
الشرطة تضبط المشتبه عبر المشرف على المشروع..
من خلال متابعة المكالمات على هاتف المشتبه فيه حصلت الشرطة على رقم المشرف على المشروع الذي حضر على الفور ، وكشف التحقيق معه أنه لا يعرف مكان سكن المشتبه فيه رغم أنه يعمل معه.. وقادهم إلى منزل أخته التي تم اقتيادها للتحقيق معها.
محاولة التشويش على البحث وجر المشرف في القضية ..
حاول أسر المشتبه فيه التشويش على البحث من خلال الصاق التهم بالمشرف وتبرئة ابنهم ووصفه بأنه مجر (قواد) يستدرج الفتيات لرئيسه، وخلقوا ضجة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي للفت الأنظار والتغطية على ابنهم وأن جهة تحاول زجه في الجريمة.
لم يؤثر ذلك في مسار تحقيق الشرطة في الجريمة، فقد لعب المحقق كل الحيل من أجل الإمساك بالمشتبه فيه، حتى تمكن ضبطه..لم يقر المشتبه فيه بعلاقته بالفتاة. بل نفى أي علاقة له بها أو معرفة مسبقة.. وأدعى أن ما كشف عنه الاتصال مزور وعاري من الحقيقة.. لكن الأدلة التي حصلت عليها الشرطة من خلال تسجيل المكالمات ورسم اللقاءات، جبرت المشتبه فيه على الاعتراف..
مسار الجريمة...
بينما كانت خديجة تبحث في نواكشوط عن عمل التقت بالصدفة مع ( آدما عمربا)وهو شاب من مواليد 1981 وينحدر هو الآخر من مقاطعة "مقامقه"بولاية كوركول، يعمل في مشروع لتثبيت الرمال الشاطئية بضواحي بلدية"تكنت".
ظنت المسكينة أن الحظ تبسم في وجهها عندما أوهمها الشاب أن بإمكانه الحصول لها على عمل مع المشروع الذي يعمل فيه، وطلب منها ملفا متكاملا، واخبرها أنها ستخضع للتدريب لفترة إذا تم قبولها من طرف المشروع.. لم تتردد المسكينة في الاستجابة، وتحملت مشقة رحلة قطعت فيها مسافة 108 كلم مابين نواكشوط وتكنت في يوم 24 من شهر مارس 2020لتسلم الشاب الملف المطلوب.
وصلت المسكينة زوال يوم 24 مارس إلى "تكنت" تدفعها الأحلام بغد مشرق، وتوقفت حسب ما رسم لها "آدماعمربا" عند أول محطة في مدخل المدينة للقادم من نواكشوط، وانتظرته ساعات قبل أن يأتي ويذهب بها إلى مقهى قريب من المحطة شرب معها فيه الشاي، وتركها ليعرض الملف على أصحاب المشروع ، وعاد إليها في حدود الخامسة، ليقول لها أن الملف رفض بسبب عدم وجود بطاقة تعريف.
وعادت المسكينة أدراجها على جناح السرعة إلى العاصمة نواكشوط، لتعود في اليوم الموالي الموافق 25 مارس 2020 بسرعة البرق، وتنتظره بعد مها تفة في نفس المحطة، وبعد انتظار جاء إليها وذهبا الى غرفة في ضاحية المدينة تناولا فيها الغداء، وذهب بها في سيارته الرباعية التي كان المشروع قد استأجرها من الوزير الأمين العام للحكومة سابقا "جاللو ابو هارون"، وقطع آمادو مسافة 18 كلم على الشارع المعبد باتجاه المحيط، ثم عرج عن الشارع في طريق مرمل مسافة 6كلم، حتى وصل مكانا منقطعا. انقض عليها كالوحض المفترس لاغتصابها، ودخلت معه في عراك قوي للدفاع عن شرفها.. لكن آماد تغلب عليها وقام بتقييد يديها إلى رأسها ليتمكن من اغتصابها..وما كاد ينزع نفسه من فوقها حتى لاحظ أن الفتاة ماتت، ودخل في دوامة من القلق والارتباك قادته إلى حملها من المكان الذي اغتصبها فيه مسافة ميل ورميها بالحالة التي قتلها بها.