صدورمذكرات الوزير محمد عالي شريف
“سيرة من ذاكرة القرن العشرين”
يقول الرئيس المؤسس المختار ولد داداه في مذكراته عن مساعده محمد عالي شريف:
“أما محمد عالي شريف، الأمين العام لرئاسة الجمهورية فيما بين 1969 و1978، فقد كان حقيقة الرجل المناسب في المكان المناسب، ذلك أنني وجدت فيه المعاون المباشر المثالي.
فبذكائه وكفاءته وعمله وضبطه للأمور، وسريته وتواضعه الشديد، وبعده عن الروح القبلية والجهوية، تمكن من أداء وظيفته الجسيمة والحرجة على أكمل وجه.
وعلى الرغم من أنه مكلف إلى جانبي بالإشراف على الأنشطة الأساسية للرئاسة فلم يحاول أبدا أن يلعب دور رؤساء الوزراء، بل على العكس من ذلك فقد اكتفى بمحض إرادته بالمجالات الإدارية والفنية وربط أفضل العلاقات مع الوزراء والنواب والسفراء والولاة والموظفين السامين في المصالح المركزية.
وفي حدود علمي كان المسؤول الوحيد السامي الذي لايهتم بالظهور والرتب وأوسمة التشريف، فما البرهان على ذلك؟
لقد رغبت مرات عدة في تعيينه وزيرا، أومنحه على الأقل رتبة وزير أمين عام للرئاسة كما يوجد في دول إفريقية وعربية كثيرة، لكنه كان في كل مرة يلح علي بالعدول عن ذلك قائلا: إن ما يهمني هو أن أخدم بلدي بأفضل وجه ممكن.
إنني أحتفظ بأحسن ذكريات عن تعاونه الفعال، الصادق والأمين”.
مذكرات المختار ولد داداه ص 400.
وقد صدر أخيراً عن دار الساقي في بيروت كتاب “سيرة من ذاكرة القرن العشرين” مذكرات الوزير والنائب البروفيسير محمد عالي شريف.
وتتناول المذكرات في سرد ممتع، الأحداث السياسية الوطنية والدولية التي كان المؤلف فاعلا فيها خلال القرن العشرين، مابين 1950 حتى العام 2000.
تحدث الوزير والنائب محمد عالي شريف، في أسلوب أدبي أخاذ عن انبهار مراهق العالم الثالث في حواضرالكون على بلاط الاختلاف الثقافي والوعي الفعلي بالوجود.
إضافة إلى تأريخ ديناميكي للخيارات التقدمية المتاحة للعالم الثالث، ومرافقتها في بداياتها الأولى.
كما تناول بدايات نشأة الدولة الموريتانية، وذكرياته كمعاون مقرب للرئيس المختار ولد دداه ومبعوثه الخاص إلى رؤساء وملوك العالم. حيث كشف عن الأحداث الفعلية التي اكتنفت تسيير ملفات كبرى تعلقت بالتعايش والتعريب وحرب الصحراء وانقلاب العاشر من يوليو 1978.
ويعود الوزير والدبلوماسي محمد عالي شريف لتفاصيل “أحداث بشار” كمرافق وحيد للرئيس المختار ولد داداه في زياراته للجزائر قبل انطلاق حرب الصحراء ومادار بين المختار وبومدين رحمهما الله.
وتناول شريف تكليفه بملف الصحراء، واعتماده “مبعوثا خاصا” للملك الراحل الحسن الثاني، الذي استقبله على الأقل أربعين مرة “مبعوثا خاصا” للرئيس المختار ولد داداه.
كما تحدث عن الجدل الشهير بين الرئيس المختار ولد داداه والرئيس السنغالي الراحل سينغور، حول النزاع الحدودي بين موريتانيا وجارتها الجنوبية.
مذكرات محمد عالي شريف ستمثل إضافة نوعية للمكتبة الوطنية والذاكرة السياسة للبلد.
كما تمثل كنزا معرفيا ثمينا ومرجعا سياسيا وتاريخيا للباحث عن المعلومة الصحيحة والرواية المتجردة للأحداث في المنتبذ القصي من شاهد أمين عايشها عن قرب على مدى أكثر من نصف قرن، في سرد باذخ بلغة جميلة جزلة سهلة.
ورغم كونها سردا لتجربة ذاتية في حقل إداري ومحيط سياسي عايشه الرجل فإن طريقة كتابتها ودرجة صدقيتها ومهارة صاحبها في التوثيق منحتها صفة الدراسة التاريخية المعمقة والوثيقة السياسية التي لا غنى عنها للأجيال اللاحقة.